للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالع للازدواج، والجبن الخالع الذي كأنه يخلع فؤاده لشدته، وإنما قال: شرما في الرجل ولم يقل في الإنسان لأحد الوجهين: إما لأن الشح والجبن مما تحمد عليهما المرأة ويذم به الرجل، أو لأن الخصلتين تقعان موقع الذم من الرجال فوق ما تقعان من النساء.

ومن باب فضل الصدقة

[من الصحاح]

[١٢٧٩] أبي هريرة- رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من تصدق بعدل تمرة) بفتح العين وهو ما يعادل تمرة، والعدل بالكسر: المثل، وبالفتح أصله مصدر قولك عدلت بهذا عدلا حسنا تجعله اسما للمثل، لتفرق بينه وبين عدل المتاع، كما قالوا: امرأة رزان وعجز رزين، وقال الفراء: العدل بالفتح ما عدل الشيء من غير جنسه، وبالكسر المثل وربما كسر بعض العرب في غير الجنس وكأنه منهم غلط.

(فإن الله يتقبله بيمينه)، المراد من التقبل باليمين: حسن القبول من الله ووقوع الصدقة منه موقع الرضا وفيه.

(ثم يربيها لصاحبها) كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل)، الفلو: بتشديد الواو: المهر؛ لأنه يفتلى أي: يعظم. وقيل هو العظيم من أولاد ذوات الحافر وقد قالوا للأنثى: فلوه مثل: عدوة والجمع أفلاء مثل عدو [١٥٠/ب] وأعداء، وفلاوى مثل خطايا.

قال أبو زيد: إذا فتحت الفاء شددت الواو، وإذا كسرت خففت فقلت: فلو مثل جرو؛ قال مجاشع بن

جرول يا فلو بنى الهمام ..... فأين عنك القهر بالحستم؟

فالرواية في الحديث بفتح الفاء وتشديد الواو، وإنما ضرب المثل بالفلو؛ لأنه يزيد زيادة بينة، ولأن الصدقة نتاج عمله، ولأن صاحب النتاج لا يزال يتعاهده ويتولى تربيته، ثم إن النتاج أحوج ما يكون إلى التربية وهو فطيم إذا أحسن القيام وأصلح ما كان منه فاسدا انتهي إلى حد الكمال، وكذلك عمل ابن آدم، لا سيما الصدقة التي يجاذيها الشح ويتشبث بها الهوى ويقتفيها الرياء ويكدرها الطبع، فلا تكاد تخلص إلى الله إلا موسومة بنقائص لا يجبرها إلا نظر الرحمن، فإذا تصدق العبد من كسب طيب مستعد للقبول، فتح دونها باب الرحمة، فإذا تصدق فلا يزال ينظر الله إليها يكسبها نعت الكمال ويوفيها حصة الثواب حتى تنتهي بالتضعيف إلى نصاب تقع المناسبة بينه وبين ما قدم من العمل، وقوع المناسبة بين التمرة والجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>