[٨٣] ومنه حديث ابن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الوائدة والموءودة في النار) وأد بنته، يئدها وأدا، فهي موءودة: إذا دفنها في القبر وهي حية، وكانت كندة- اسم قبيلة- تئد البنات، وهذا الحديث إنما أوردوه في هذا الباب للاستدلال على تعذيب أطفال المشركين، ولا يجوز أن يقطع في هذه المسألة بمثل هذا الحديث؛ لأنه من جملة الآحاد، (مع ما) فيه من الاختلاف، ثم إنه محتمل لوجه آخر، وهو: أن الحديث ورد في قضية خاصة، فلا يجوز حمله على العموم، وذلك أن ابني مليكة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عن أم لهما كانت تئد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (الوائدة والموءودة في النار) ومليكة هذه يقال لها: مليكة بنت مالك.
وقد ذكر الحديث على نحو ما ذكرناه من المعنى في مسند ابن مسعود، وكذلك رواه أحد ابني مليكة، وهو سلمة بن يزيد بن مشجعة الكوفي، وقيل: يزيد بن سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: ويحتمل أن الموءودة كانت قد بلغت الحنث، فدخلت النار بكفرها.
وعن سلمة بن يزيد، في بعض طرق هذا الحديث:(أنها وأدت أختا لنا لم تبلغ الحنث ..) فلو صح، لقلنا: رأينا أنه إخبار عن الغيب على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حق نسمة بعينها، فلا يقاس عليها ما عداها، فإن الله يحكم في عباده بما يشاء وهو- على تقدير إن يثبت- ملحق بحديث الغلام الذي قتله الخضر، مع ما فيه من الاحتمال أن الراوي حسب أنها لم تبلغ الحنث، وكانت قد بلغت، والمذهب الصحيح المتبوع في هذه المسألة، ما قدمناه في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- والعلة الكبرى فيه عدم التوقيف.
ومن باب: إثبات عذاب القبر
(من الصحاح)
[٨٥] حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إذا وضع العبد في قبره .. الحديث) فمنه قوله: - صلى الله عليه وسلم -: (فيقعدانه) الأصل فيه أن يحمل على الحقيقة، على حسب ما يقتضيه الظاهر، ويحتمل أن يراد به التنبيه لما