[٢٠٧٣] قوله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار، في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-: (لا تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة) المئونة: فعولة. وقيل مفعلة، من الأين، وهو التعب والشدة، فقوله:(لا) رد لما التمسوه [٥٠/أ] من قسمه الأموال، وقوله:(تكفوننا المئونة) خبر معناه الأمر: أي: اكفونا تعب القيام بتأبير النخل وسقيها وإصلاحها، ونشرككم في ثمرتها، وهذا باب عظيم في استعمال الرفق وحسن الخلق مع الخلق، فأنه أراد بهذا القول تسهيل الأمر على الأنصار وأن لا يخرجوا من أموالهم التي بها قيام أمرهم، فصرفهم عن ذلك بما لطف من الكلام، على وجه يحسبه السامع أنه يبتغي به التخفيف عن نفسه وأسرته من المهاجرين، وهذا هو اللطف التام، والكرم المحض.
[٢٠٧٦] ومنه حديثه الآخر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) أي: لا تقابله بخيانة مثل خيانته، والذي يجحد حقه فوجد مثل حقه من مال الجاحد، فله أن يأخذه بما له عليه، ولا يعد ذلك خيانة؛ لأن الخائن هو الذي يأخذ مال غيره ظلما وعدوانا، وهذا لم يأخذه ظلما، وإنما أخذه قصاصا، أو استدراكاً لظلامته.