[٢٨٧٠] ومنه حديث جابر- رضى الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر أول الليل)
فإن قيل: كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين حديثه الآخر: (إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً). وقد قال كعب بن مالك رضي الله عنه:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقدم من سفر إلا نهاراً في الضحى)؟!.
قلنا: وجه حديث [١٠٨/أ] جابر هذا عندنا أن يحمل على الدخول على أهله ليخلو بها، ويقضي عنها حاجة النفس؛ لأن القدوم عليها ليلاً، وطروقها، فغن ذلك قد نهي عنه في عدة أحاديث، وإذا حملنا الأمر فيه على ما ذكرنا اتفق الحديثان، وانتفى التنقاض. وإنما تعلق الظرف بالدخول على أهله لا بالقدوم، وقوله:(إن أحسن ما دخل الرجل أهله)، الحديث إرشاد له إلى الوقت الذي لا يزاحمه فيه الزوار فلا يقطعونه عما هو فيه. وإنما اختار له أول الليل؛ لأن المسافر يقدم في غالب أحواله عن غلبة شهوة، فإذا قضي نهمته من أول الليل، كان ذلك أجلب النوم، وأدعي إلى الاستراحة.
ومن باب الكتاب إلى الكفار
(من الصحاح)
[٢٨٧١] حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ... الحديث) قيصر لقب ملك الروم وبه كان يلقب كل من ملك أمرهم، كما كان يلقب كل من ملك أمر الفرس كسري، وكل من ملك أمر الحبشة النجاشي.
وفيه:(إلى عظيم بصري) أي الذي كان يعظمه أهل بصرى، وبصرى موضع بالشام ينسب إليها السيوف.
وفيه:(أدعوك بداعية الإسلام) مصدر كالعافية والعاقبة، وكذلك الدعاية كالرماية، والدعاء والدعوى والدعاية كلها مصادر، والدعاء إلى الشيء: الحث على قصده، والمعنى: أدعوك بالدعوى التي أحثك بها على الدخول في الإسلام.