غيره، وأراد بالرصاصة القطعة من الرصاص، وأشار إلى مثل الجمجمة تبيناً لحجمها وتنبيهاً على تدور شكلها بين مدى قعر جهنم بأبلغ ما يمكن من البيان، وذلك أنه ضرب المثل بالرصاص الذي هو من الجواهر الرزينة، والجوهر كلما كان أتم رزانة كان أسرع هبوطاً إلى مستقره، لاسيما إذا انضم إلى رزانته كبر جرمه ثم قدره على الشكل الكروي فإنه أقوى انحداراً، وأبلغ مروراً في الجو.
ومن باب خلق الجنة والنار
(من الصحاح)
[٤٢٩١] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-: (حتى يضع الله رجله يقول: قط قط).
قد أشرنا غير مرة إلى [١٩٤/ب] سبيل الفئة المتنزهة عن الإقدام على تأويل أمثال هذه الأحاديث مع براءتهم عن الشبه التي لا تسلم معها العقائد، ومع بيان صحة مقاصدهم في ذلك، فأما أهل العلم بوجوه كلام العرب السالكون منهم مسلك التأويل فإنهم يقولوا كل شيء قدمته فهو قدم كما يقال لكل شيء قبضته قبض. ومنه قوله تعالى:{وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم} أي: ما قدموه من الأعمال الصالحات، فيحتمل أن يكون المراد من القدم من قدمهم الله تعالى للنار من أهلها، فتمتلئ منهم جهنم مستوفاة بهم عدة أهلها، ويؤول الرجل على نحو من ذلك، وقالوا: أراد به استيفاء عدد استوجبوا دخول النار.
قالوا: والرجل وإن كان اسما خاصاً لجماعة الجراد، فإن استعمالها في جماعة الناس على طريق الاستعارة غير خارج عن مذاهب العرب في القول المستعار.