[٣٦٨١] حديث البراء بن عازب: (فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول: أنا النبي لا كذب, أنا بن عبد المطلب).
ليس لأحد أن يحمل هذا على المفاخرة، والشيخ لم يصب في ايراد هذا الحديث في هذا الباب المترجم بالمفاخرة والعصبية, ولا أشك أنه اتبع بعض أصحاب الحديث في مصنفاتهم على ما ذكره, ولم يصيبوا أولئك أيضا وقد نفى نبي الله عن نفسه أن يذكر الفضائل التي خصه الله بها فخرا، بل شكرا لأنعمه، فقال:(أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، وذم العصبية في غير موضع, فأنى لأحد أن يعد هذا الحديث من أحد القبيلين, وكيف يجوز على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفتخر بمشرك، وكان ينهى الناس أن يفتخروا بآبائهم.
وإنما وجه ذلك أن نقول: تكلم بذلك على سبيل التعريف ; فإن الله تعالى قد أرى قوما قبل ميلاده، وقبل مبعثه في ابن عبد المطلب ما قد كان علما لنبوته، ودليلا على ظهور أمره، وأظهر علم ذلك على الكهنة، حتى شهد به غير واحد منهم، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرهم بذلك، وعرفهم أنه ابن عبد المطلب الذي رؤى فيه ما رأى، وذكر فيه ما ذكر.
] ٣٦٨٢ [زمنه حديث أنس (جاء رجل الى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا خير البرية، فقال: ذلك ابراهيم) وجه ذلك الحديث أن يحمل على معنى التواضع منه, حتى يوافق الأحاديث التي دلت على فضله على سائر البشر، أو يحمل على أنه قال ذلك ولم ينبأ بعد أنه خير الناس.
أو يحمل على أن ابراهيم كان يدعى بهذا النعت حتى صار علما له كالخليل، فقال:(ذلك ابراهيم) أي: المدعو بهذه التسمية إبراهيم، إجلالا له وتوقيرا، ويكون معنى (خير البرية) في ابراهيم راجعا الى خلق حينئذ دون من لم] ١٥٦/أ [يخلق، ولم يكن ذكر البرية على معنى العموم، فلم يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غمارهم.