وفيه (بل انتم العكارون) قيل: أي العطافون، ويقال للرجل الذي تولى عن الحرب ثم يكر راجعا، عكر واعتكرا.
وفيه (وأنا فئتكم) الفئة: الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضهم إلى بعض في التعاضد، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قوله سبحانة وتعالى {إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} يريد: لستم الفرارين حين رجعتم إلى التعاضد
ومن باب حكم الأسارى
(من الصحاح)
[٢٩٠٥] حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل)
قد مضى القول في العجيب إذا استعير في أفعال الله سبحانه، وتأويله في هذا الحديث أنه عظم شأن قوم هذا شأنهم، وأحله محل العجب.
وقوله (يدخلون الجنة في السلاسل) أي يؤتي بهم في السلاسل والقيود وهم الأسارى. ومراد الله منهم أن يهديهم إلى سواء السبيل، فيدخلون الجنة، فأحل الدخول (١١١/ب) الإسلام محل الدخول في الجنة؛ لكونه المفضي بهم إلى الجنة. ويحتمل أنه أراد بالسلاسل ما يرادون به من الإجبار ويمتحنون به من الكره للدخول في دين الله.
[٢٩٠٦] ومنه حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - (لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد) الحديث.
قلت: كان بنو قريظة قبل الإسلام حلفاء أوس، وبنو النضير حلفاء خزرج، فلما كانت السنة الخامسة من الهجرة أقبلت الأحابيش من قريش ومن تابعهم وغطفان وأشجع، ومن أطاعهم لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقامت الحرب بينهم في شوال وهي غزوة الخندق، ودونها نقضت بنو قريظة العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انكشفت الأحزاب عن المدينة، وكفى الله المؤمنين شرهم، آتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر اليوم الذي تفرقت الأحزاب في ليلته فقال (وضعتم السلاح والملائكة لم تضع أسلحتها إن الله يأمرك