وهذا التأويل تأويل حسن، لولا أن لفظ الحديث وهو قوله:(لا يجنب) غير منبئ عن الاستطراق على ما ذكرنا، وقوله على وجه الاحتمال: لعل لفظ الحديث يجنب من الثلاثي: أي: يقود فرسه، فظن بعض الرواة أنه من الجنابة، فرواه على صيغة الرباعي، وهم سيان في المعنى، يقال: أجنب الرجل وجنب- بالضم- يجنب، وعلى هذا يكون (غيري وغيرك) محمولا على أن حق الممر كان لهما- والله أعلم.
ومن باب مناقب العشرة
(من الصحاح)
[٤٦٤١] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الزبير- رضي الله عنه- (أوجب طلحة)، يريد: أوجب لنفسه الجنة، يدل عليه قوله- فيمن شهدوا بالخير-: (وجبت) قالوا: وما وجبت؟ قال:(هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجب له الجنة ..) الحديث.
[٤٦٤٢] ومنه (٣٣١) قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر- رضي الله عنه-: (نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طلحة ابن عبيد الله، فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل يمشي على وجه الأرض وقد قضي نحبه .. الحديث) النحب: النذر، والنحب: المدة والوقت. ومنه يقال: قضي فلان نحبه: إذا مات. وعلى المعنيين يحمل قوله- سبحانه- {فمنهم من قضى نحبه} فعلى النذر، أي: نذره فيما عاهد الله عليه من الصدق في مواطن القتال، والنصرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى الموت، أي: مات في سبيل الله. وذلك أنهم عاهدوا الله أن يبذلوا نفوسهم في سبيله، فأخبر أن طلحة ممن وفى بنذره، أو ممن ذاق الموت في سبيله، وإن كان حيا، يدل عليه حديثه الآخر:(من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة) وكان طلحة قد