[٣٢٦٨] حديث أنس-رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لبس خاتم فضة في يمينه ... الحديث) قلت: قد خالف هذا الحديث حديثه الآخر الذي يتلو هذا الحديث، ولا أرى القول برد أحدهما بالآخر؛ لأنهما صحيحان، ولا الذهاب في أحدهما إلى النسخ؛ لأنه حدث بهما بعد ارتفاع النسخ بوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يكنا لصحابي ليتحدث بالناسخ مع المنسوخ من غير بيان، مع علمه بذلك، أو يذكر السنة المتروكة وقد عرف أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عدل عنها، ولا أن يقدر في أحدهما النسيان عليه عند كبر سنه؛ لثبوت كل واحد من الأمرين برواية غيره، فإن حديث اليمين رواه أيضا عبد الله ب جعفر وابن عمر وابن عباس وعائشة، وحديث اليسار روي عن ابن عمر، كما روي عن أنس، فعلمنا أنه صنع الأمرين، ولم يحط علما بالمتقدم والمتأخر، إلا فيما يقوله الفقهاء: أنه كان يتختم في يمينه، ثم تحول إلى يساره، ويروون فيه حديثا، وواها لها من حجة لو استبان لنا غي من رشده، فالوجه فيه أن يقال: إنه ارتضى كل واحدة من الخصلتين التختم في اليمين فلكرامة اليمين واستحقاقها للتقديم على صاحبتها في المعاني المحمودة [١٣٥/ب] وأما اليسار فلأنه جعل العبرة فيه للفعل لا للمحل، وذلك أنه إذا تختم في يساره يصير الفعل منسوبا إلى اليمين؛ لأن التختم والنزع يصدران من قبل اليمين، فلم يخل إذا أحد الأمرين من معنى التيمن هذا هو الوجه في التوفيق بين الروايتين. وأما القول فيه من حيث الرواية، فإن أحاديث اليمين أكثر وأسلم من الاختلاف؛ وذلك لأن الذي يروي حديث اليسار يروي حديث اليمين، وقد تفرد بحديث اليمين جماعة قد سبق