ذكرهم، والعجب من الفئة المتشيعة وتشددهم في اختصاص اليمين، حتى يجعلوه شعارا لمذهبهم. والصحيح من السبطين الحسن والحسين- رضي الله عنهما- أنهما كانا يتختمان في اليسار [والله أعلم]؟
(ومن الحسان)
[٣٢٧٤] قول معاوية- رضي الله عنه- في حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (وعن لبس الذهب إلا مقطعا) أوله أبو سليمان الخطابي وأحله محل التنزيه والكراهة فجعل النهي مع الاستثناء مصروفا إلى النساء. وقال: أراد بالمقطع: الشيء اليسير نحو الشنف والخاتم. كره من ذلك الكثير الذي هو عادة أهل السرف وزينة أهل الخيلاء والكبر. واليسير ما لا تجب الزكاة فيه.
وهذا تقدير جيد يشير إلى معناه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين به) غير أن لفظ حديث معاوية ما هو بمنبئ عن ذلك، ولا مميز في صيغة النهي بين الرجال والنساء، ثم إنه رتب النهي عن لبس الذهب على النهي من ركوب النمور، وذلك عام في حق الرجال والنساء، فيحتمل أن معاوية روى النهي عن لبس الذهب كما رواه غيره، ثم رأى أن اليسير التافه منه إذا ركب على الفضة التي أبيحت للرجال فيحلى به قبيعة السيف أو حلقة المنطقة أو يشد به فص الخاتم غير داخل في النهي، قياسا على اليسير من الحرير، فاستدرك ذلك بالاستثناء من كلامه، والله أعلم بحقيقة ذلك.
[٣٢٧٥] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة- رضي الله عنه- (ما لي أرى عليك حلية أهل النار) قلت: أظهر له بالنكير وشدة القول فيه شدة كراهيته لذلك [١٣٦/أ] والحديث الذي أورده المؤلف بعد هذا الحديث عن سهل بن سعد على سبيل المدافعة ورد الأول بالآخر فليس على ما توهمه، وليس من الاحتياط أن يعطل من الأحاديث التي لم يتفق أهل النقل على أنها ساقطة الاعتبار من غير أن يتحقق فيه النسخ، بل يوفق بينه وبين ما يخالفه ما أمكن، وقد نظرنا في هذين الحديثين فاستبان لنا في التوفيق بينهما أن نقول: معنى قوله: (ولو خاتما من حديد) هو المبالغة في بذل ما يمكنه تقدمه للنكاح، وإن كان شيئا يسيرا على ما بيناه في بابه، كقول الرجل: أعطني ولو كفا من تراب. وخاتم الحديد- وإن نهى عن التختم به- فإنه لم يدخل بذلك في جملة ما لا قيمة له، فإن الحديد من العروض التي لا تسقط قيمتها وإن قلت.