هذا [ويحتمل] أن يكون النكير على التختم بخاتم الحديد بعد قوله في حديث سهل بن سعد: (التمس ولو خاتما من حديد) فنقول: إن حديث سهل بن سعد كان قبل استقرار السنن واستحكام الشرائع، وما في حديث بريدة بعد ذلك. ويقال: إنما قال: (حلية أهل النار)؛ لأنه زي بعض الكفار وهم أهل النار.
قلت: ويحتمل أنه ذهب فيه إلى السلاسل والأغلال التي يعذبون بها في جهنم، وتلك في المتعارف بيننا متخذة من الحديد [والله أعلم].
[٣٢٧٦] ومنه حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره عشر خلال: الصفرة ... الحديث) الصفرة: فسرت في الحديث. وقد عرفنا من غير هذا الحديث أنه كره ذلك للرجال دون النساء، وإنما أهل الحصابي بيانه اعتمادا على اشتهار الأمر فيه.
وفيه (تغييب الشيب) يريد التغيير الذي يبلغ به إلى السواد فيتشبه بالشبان إخفاء لشيبه وتعمية على أعين الناظرين، دون الخضاب بالحناء، وما يضاهيه، فإنه تغير لا تلتبس معه حقيقة الشيب.
وفيه:(والتبرج بالزينة في غير محلها) التبرج: إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال، فكأنهم شبهوها في إظهار ذلك بالثوب المبرج وهو المعين من الحلل. وقيل: هو الثوب الذي صور عليه البروج، أو سمي تبرجا لخروج المرأة من برجها أي: قصرها [١٣٦/أ] ومحلها- بكسر الحاء- حيث يحل لها إظهار الزينة. ويبينه قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} الآية. ومحل الهدى: حيث يحل فيه نحرها.
وفيه (والضرب بالكعاب) وهو النرد وما كانفي معناه. وفيه (والرقي إلا بالمعوذات) يريد بالمعوذات: الدعوات المأثورة، وأسماء الله الحسنى، وما يجري مجرى ذلك. وفيه تنبيه على الترقي عن أباطيل أهل الجاهلية فيما كانوا يتعاهدونه في الرقي من أسماء الشياطين، والإتيان فيها بما يخل بالعقائد، واستعمال ألفاظ لا يعرف معناها. ولهذه المعاني أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرض الرقي عليه.
وفيه (وعقد التمائم) يريد بها التمائم التي تحتوي على ما ذكرناه من رقي أهل الجاهلية. وفيه:(وعزل الماء لغير محله) أي: صبه في غير الموضع الذ يحل. قال الخطابي: وسمعت في هذا الحديث (وعزل الماء