للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن باب الحلق

(من الصحاح)

[١٨٥١] حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال لي معاوية (إني قصرت من رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشقص).

قوله: (من رأس النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: من شعر رأسه والمشقص من النصال ما طال وعرض قال الشاعر:

سهام مشاقصها كالحراب

قلت: لهذا الحدث تتمة لم يوردها المؤلف، وفيه اختلاف أعرض عن ذكره، أو لم يطلع عليه، وفيه إشكال لم يتعرض لحله الرواة، فرأينا أن نورد ذلك ونكشف عنه الغطاء.

أما التتمة: فقول ابن عباس له: (لا أعلم هذا إلا حجة عليك)

وبيان هذا القول أن ابن عباس [٤٢/ب] كان يرى أن الحاج إذا طاف بالبيت، فله أن يحل ويجعلها عمرة، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا، وقد ذكرنا أن هذا حكم خص به أولئك الركب من بين الناس، وإنما اشتبه على ابن عباس؛ لأن الحديث لم يبلغه بتمامه فرأى رأياً وقد أنكر عليه.

وفيه: (قال له رجل من بني الهجيم: ما هذه الفتيا التي تشعبت بالناس) أي: فرقتهم، ويروى: (شغبت) بالغين المعجمة، أي: أوقعتهم في الشغب وهيجتهم، ويروى على غير ذلك.

وكان معاوية رضي الله عنه ينهي عن المتعة أشد النهي، ويرى أن ذلك قد نسخ، وقد رد عليه قوله هذا غير واحد من الصحابة، فقول ابن عباس: (لا أعلم هذا إلا حجة عليك) أي: لا أعلم هذه القضية التي تذكرها إلا حجة عليك، يشير إلى أن قصره عند المروة دليل على أنه كان متمعتاً، وفي هذا إشكال جدا، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر في حجته، ولم يحلل عن إحرامه، لا شك في ذلك، ولم يكن الصحابي ليكذب في أمر الدين، لاسيما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن ابن عباس لو كان أسمعه هذا القول، ثم سكت، ولم يبين له العمرة التي قصر فيها كان يقع ذلك منه موقع الاعتراف بما قال والالتزام له؛ وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>