للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن باب آداب الخلاء

(من الصحاح)

[٢١٤] حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه: (ارتقيت فوق بيت حفصة لبعض حاجتي ... الحديث) ذهب ابن عمر- رضي الله عنهما- إلى أن النهى ورد في الصحارى دون الأبنية لحديثه؛ هذا وذهب إلى قوله جمع من العلماء، نظرا منهم إلى الجمع بين الأخبار المختلفة، وخالفهم فيه آخرون.

وقد روى حديث النهى عن استقبال القبلة واستدبارها بغائط أو بول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع من الصحابة، منهم: أبو أيوب وسليمان وأبو أمامة وعبد الله بن الحارث ومعقل بن الهيثم ويقال معقل بن أبي معقل وأبو هريرة وسهل بن حنيف- رضي الله عنهم، ولم يذكر أحد منهم في روايته ما يدل على التفريق بين الصحاري والأبنية، بل بذكر أبو أيوب ما يد على تعميم النهى والتسوية بين الصحاري والأبنية، وهو قوله: (فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله) وإنما استغفر مع الانحراف عنها لأنه اعتقد أنه منكر، فاستغفر عن رؤيته وترك التشدد في تغييره.

وقال الترمذي حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح.

قلت: والنظر يقتضي التسوية بين الصحاري والأبنية لأنا لم نحد للنهى وجها سوى احترام القبلة، ومما يؤيد ذلك كراهية مواجهة تلك الجهة الشريفة بالبزاق والنخامة واستحباب صيانتها، عما يستخف بالحرمة، وهذا حكم لا يتغير بالبناء.

وأما حديث ابن عمر- رضي الله عنه- ففي بعض طرقه الصحاح أنه قال: (يقول ناس إذا قعدت للحاجة، فلا تقعد مستقبل القبلة ولا بيت المقدس، ولقد رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين مستقبلا بين المقدس لحاجة) ففي هذا الحديث لم يذكر استدبار الكعبة، وإنما أنكر على من قال بالنهي عن استقبال بيت المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>