للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٢٨١] ومنه: حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء ..) الحديث، فسر قوله زوجين بدرهمين أو دينارين أو مدين من طعام وبما يضاهي تلك الأشياء.

قلت: ويحتمل أن يراد به تكرار الإنفاق مرة بعد مرة، ففسر الإنفاق بما تنفقه؛ لأنه إذا أنفق درهما في سبيل الله ثم عاد فأنفق آخر يصير زوجين، ومعنى الكلام: الإنفاق بعد الإنفاق أي: يتعود ذلك ويتخذه دأبا.

وفيه (فقال أبو بكر- رضي الله عنه- يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة معناه ما على أحد يدعى من باب من تلك الأبواب كلها من ضرورة إن لم يدع من سائرها، فإنه إذا دعي من باب واحد فقد حصل له الفوز بدخول الجنة فلا ضرورة به إن لم يدع من غيره، وقوله هذا نوع من تمهيد قاعدة السؤال في قوله فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ أي: سألت عن ذلك بعد معرفتي بأن لا ضرورة بمن يدعى من باب واحد في الدعاء من سائر الأبواب. وفي رواية: قال أبو بكر: يا رسول الله ذلك الذي لا توى عليه أي ضياع عليه، ولا خسارة من قولهم: توى عليه المال إذا أهلك يتوى وتوى إذا ذهب توى وهو مقصور وقد ذكر بعض أصحاب الغريب: توى وتواء. ولا أعرف للمهموز أصلا [١٥١/أ].

[١٢٨٢] ومنه حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر: أنا ..) الحديث، ذهب طائفة من أهل العلم، وفرقة من الصوفية إلى كراهية إخبار الرجل عن نفسه بقوله أنا، حتى قال بعض الصوفية: كلمة أنا لم تزل مشيءومة على أصحابها وأشار هذا القائل إلى أن إبليس إنما لعن لقوله أنا، وليس الأمر على ما قدر بل الذي نقض عليه أمره هو النظر إلى نفسه بالخيرية، ونحن لا ننكر إصابة الصوفية في دقائق علومهم وإشاراتهم في التبرى عن الدعاوى الوجودية، ولكنا نقول إن الذي أشاروا

<<  <  ج: ص:  >  >>