[١٧٤/ب] ويحتمل أن تكون صفة للفتنة فأضيف إليها إضافة مسجد الجامع، ويراد منها سعتها لكثرة الشرور والمفاسد.
ومن ذلك قولهم: قناة سراء جوفاء، إذا كانت وسيعة.
وقوله:(دخنها) أي إثارتها وهيجانها، شبهها بالدخان الذي يرتفع، وإنما قال (من تحت قدمي رجل) تنبيها على أنه هو الذي يسعى في إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها.
وفيه:(ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع) يريد أن الناس يصطلحون على بيعته ولا يستقيم له أمر كما أن الورك لا يستقيم على ضلع أو لا يستعد لذلك فلا يقع عن الأمر موقعه، كما أن الورك على ضلع يقع غير موقعه.
وفيه:(ثم فتنة الدهيماء) قيل: أراد بها الدهماء السوداء، وإنما صغر على مذهب الذم.
وقيل: أراد بها الداهية ذهابا إلى دهيم استعيرت في الداهية، وهي في الأصل اسم ناقة غزا عليها سبعة إخوة معاقبين فقتلوا عن آخرهم، وحملوا عليها فصارت مثلا في كل داهية.
[٤٠٤٢] ومنه حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تدور رحا الإسلام لخمس وثلاثين) الحديث.
قال الخطابي: دوران الرحا كناية عن الحرب والقتال. شبهها بالرحا الدوارة التي تطحن الحب لما يكون فيها من تلف الأرواح وهلاك الأنفس.
قال الشاعر:
فدارت رحانا واستدارت رحاهم
قلت: إنهم يكنون عن اشتداد الحرب بدوران الرحا، ويقولون: دارت رحا الحرب، أي: استتب أمرها، ولم تجدهم استعملوا دوران الرحا في أمر الحرب من غير جريان ذكرها أو الإشارة إليها.
وفي هذا الحديث لم يذكر الحرب وإنما قال (رحا الإسلام)، فالأشبه أنه أراد بذلك أن الإسلام يستتب أمره ويدوم على ما كان عليه المدة المذكورة في الحديث.
ويصح أن يستعار دوران الرحا في الأمر الذي يقوم لصاحبه ويستمر له، فإن الرحا توجد على نعت الكمال ما دامت دائرة مستمرة.