للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العلماء الفطرة في هذا الحديث بالسنة والمعنى أنها من سنة- إبراهيم عليه السلام- ولو فسرت الفطرة ههنا بالدين لكان أوجه؛ لأنها مفسرة في كتاب الله بالدين قال الله تعالى {فطرت الله التي فطر الناس عليها}. قيل أي دين الله الذي اختاره لأول مفطور من البشر أو يكون المراد بالفطرة ما كان إبراهيم عليه السلام يتدين به على ما فطره الله عليه ويكون معنى الحديث عشر من توابع الدين ولواحقه ولمعدودات في جملته أو مما ركب في العقول التي فطر الله عليها استحسان ذلك.

وفيه (وإعفاء اللحية) أي: توفيرها وإرسالها يقال: عفا الشعر والنبت إذا كثر وعفوته أنا وأعفيته أيضا لغتان إذا فعلت به ذلك، وقص اللحية كان من صنع الأعاجم وهو اليوم شعار كثير من أهل الشرك وعبدة الأوثان كالإفرنج والهنود ومن لا خلاف لهم في الدين من الفرقة الموسومة بالقلندرية في زماننا هذا طهر الله عنهم حوزة الدين وبيضة الإسلام.

وفيه (وغسل البراجم) وهي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع [٤٧/أ] والرواجب، فالرواجب، مفاصل الأسابع اللاتي تلين الأنامل وبعدها البراجم وهن رءوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه شرت وارتفعت وبعدها الأشاجع وهن أصول الأصابع اللاتي تلين الكف وإنما خص البراجم بالحث على غسلها لأن مكاسر الجلد عليها أكثر وأغلظ فكان امتساس الحاجة إلى غسلها أشد لاسيما لمن كان شيءن الأصابع خشن الجلد يعمل في المهنة فيكون براجمه أكثر شنجا.

وفيه (وانتقاص الماء) يعني الاستنجاء هذا التفسير من قول بعض الرواة وقد فسره الزمخشري في كتاب الموسوم بالفائق انتقاص الماء هو أن يغسل مذاكيره بالماء ليرتد البول؛ لأنه إذا لم يغسل نزل منه الشيء فيعسر استبراؤه فلا يخلو الماء من أن يراد به البول فيكون المصدر مضافا إلى المفعول وأن يراد به الماء الذي يغسل به فيكون مضافا إلى الفاعل على معنى التعدية. والانتقاص يكون متعديا وغير متعد.

قال عدى بن الرعلاء:

لم ينتقص منى المشيب قلامة .... الآن حين بدا ألب وأكيس

وقيل هو تصحيف والصواب انتفاص الماء بالفاء والصاد المهملة والمراد نضحه على الذكر من قولهم لنضح الدم القليل نفص الواحدة نفصة.

قلت وهذا أقرب من تأويله الأول لأن في كتاب أبي داود والانتضاح ولم يذكر أبو داود انتقاض الماء هذا وقد تبين لنا أن اختلاف الألفاظ في هذا الحديث من بعض الرواة حيث رووه بالمعنى.

(من الحسان)

[٢٤٨] حديث أبي أيوب- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أربع من سنن المرسلين الحياء) ويروى الختان قد افترق أهل الرواية في هذا اللفظ على ثلاث طرائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>