للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد فسر قوله: (ما يصريك) بقطع المسألة، أي ما يقطع مسألتك مني، وحسن أن يقال: ما يفصل بينى وبينك، أي: ما الذي يرضيك حتى تترك مناشدتك والمعنى، إن أجبتك إلى مسألتك كرة بعد أخرى، وأخذت ميثاقك أن لا تعود أن لا تسأل غيره، وأنت لا تفي بذلك، فما الذي يفصل بيني وبينك في هذه القضية، ويكون على وجه المجاز والاتساع، والمبتغى منه التوقيف على فضل الله ورحمته وكرمه وبره بعباده، حتى إنه يخاطبهم مخاطبة المستعطف الباعث سائله على [الاستزادة].

وفي كتاب المصابيح: (ما يصريني عنك)، وهو غلط، والصواب: (ما يصريك مني) كذا رواه المتقنون من أهل الرواية.

وفيه: (أتستهزئ مني وأنت رب العالمين). يريد: أتحلني محل المستهزأ به.

فإن قيل: كيف يصح هذا القول من العبد بعد كشف الغطاء، واستواء العالم والجاهل في معرفة ما يجوز على الله وما لا يجوز؟

قلنا: مثابة هذا العبد مثابة العالم العارف الذي يستولى عليه الفرح بما آتاه الله وكاشفه به، فيزل لسانه من شدة الفرح.

وأما قوله: (مم تضحك يا رسول الله، قال: من ضحك رب العالمين)، فإن السبيل فيه أن نقول: الضحكان وإن كانا متفقين في اللفظ فإنهما متباينان في المعنى، وذلك أن الضحك من الله سبحانه يأول على كمال الرضا عن العبد، وقد نبهنا عليه في [١٩١/ب] غير هذا الموضع، وإنما قابل أحدهما بالآخر مع معرفة التباين بينهما؛ لأنه كان السبب لمسرته - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>