للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٤٥٤] ومنه قول جابر- رضي الله عنه- في حديثه: (فعاد كثيبا أهيل). أهيل في معنى الهيال، وهو السيال قال الله تعالى: {كثيبا مهيلا} أي مصبوبا سائلا لا يتماسك، يقال: تهيل الرمل وانهال: إذا سال، وقد هلته أنا. وفيه: (فانكفأت إلى امرأتي) أي انصرفت إليها.

وفيه: (رأيت [النبي]- صلى الله عليه وسلم - خمصا شديدا) الخمص بتسكين الميم: المجاعة، وكذلك المخمصة؛ لأن البطن يضمرها. وفيه: (ولنا بهيمة داجن) البهيمة تصغير البهمة، وهي اسم للمذكر والمؤنث من أولاد الضأن، كذا ذكره أهل اللغة، وقيل: البهمة السخلة، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للراعي: (ما ولدت) قال: بهمة، قال: (اذبح مكانها شاة) قال بعضهم: لولا أن البهمة اسم نوع خاص لما كان في إجابة الداعي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببهمة كبير فائدة؛ لأن من المعلوم أن ما تلد الشاة إنما يكون ذكرا أو أنثى فلما أجاب عن بهمة وقال: (اذبح مكانها شاة) دل على أنها اسم للأنثى دون الذكر، أي: دع هذه في الغنم للنسل واذبح مكانها ذكرا.

قلت: هذا الذي ادعاه هذا القائل ينتقض عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (واذبح مكانها شاة)؛ فإن الشاة لم تختص بالذكر دون الأنثى، واستقامة المعنى في هذا الحديث أن تفسر البهمة بالسخلة على ما ذهب إليه بعض أهل اللغة. والشاة المسن ثنية كانت أو جذعة ضأنا كان أو معزى، أو يأول على أنه - صلى الله عليه وسلم - سأله عن عدد ما ولد، فأجابه بقوله ذلك، أراد أنه ولد بهمة واحدة.

وهذا التأويل أوجه التأويلين وأقومه، على ما ذكرناه من أهل اللغة، وقد وجدت سناد هذا التأويل في بعض طرق هذا الحديث الذي أوردنا منه قوله للراعي: (ما ولدت) وهو قول الراوي: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له مائة شاة، فلم يكن يرى أن يتجاوز عن المائة، فكلما جاءت بولد ذبح مكانها أخرى. والداجن: ما ألفت البيوت، واستأنسته، ومن العرب من يقولها بالباء.

وفيه: (واقدحي من برمتكم). يقال: قدحت المرق أي: غرفته [٣١٢] ومنه القدح وهو المغرفة، سلك بالخطاب مسلك [التلوين] فخاطب به ربة البيت وفيه: (وإن برمتنا لتغط) يريد: تغلي فيسمع سوت الغليان والمغطغطة: القدر الشديد الغليان.

<<  <  ج: ص:  >  >>