للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٤٧٨] ومنه حديث أنس- رضي الله عنه- في حديثه: (وصارت المدينة مثل الجوبة) الجوبة: الفرجة في السحاب، وهي أيضا موضع ينجاب عن الحجارة في الحرة. وقيل: الجوبة أيضا الحفرة الوسيعة المستديرة، والجوبة: الترس لاستدارتها. والمعنى أن المطر أو الغيم انكشف عما يحاذيها، ويكون فيه حذف، والتقدير: صار جو المدينة مثل الجوبة، ويؤيده ما ورد في رواية أخرى عن أنس: (وصارت المدينة كالإكليل) يريد أن الغمام تكللها.

وفيه: (وسال الوادي قناة شهرا) أي: سال الوادي سائلا مثل القناة، ولما كان من شأن القناة الاستمرار على الجري حسن أن يجعل حالا عن الوادي، ويجوز فيه المصدر، أي: سيلان القناة، ويجوز فيه التمييز أي: قدر قناة، وأرى في هذا الوجه الذهاب إلى الرمح في القناة أتم وأبلغ من الذهاب إلى القناة التي تحفر؛ لأن من حق التمييز بيان الشيء المشتبه أو المقدار المشتبه، والتمييز في هذا الموضع بالقناة التي تحفر لا يقع موقع التمييز بالرمح؛ لأن القنى تختلف مقاديرها بحسب اختلاف منابعها وموادها، فتتفاوت تفاوتا بينا، ثم إن الأشبه في السيل أن تقدر بالرمح، وقلما بلغت القنى في كثرة مائها مبلغ السيول؛ وإذا اعتبرنا هذا المعنى فالتمييز فيه أوجه من الحال والمصدر.

وفيه: (فأقلعت) الإقلاع: الكف عن الشيء، يقال: أقلع المطر، وأقلعت الحمى أي: أفصمت، والضمير فيه للسحاب، فإنها جمع سحابة.

[٤٤٧٩] ومنه حديث جابر- رضي الله عنه-: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب استند ...). الحديث في بعض نسخ المصابيح: استسند، وليس بشيء؛ وإنما هو استند، يقال: سندت إلى الشيء، واستندت إليه بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>