أبي بكر- رضي الله عنه- هو شقيق عائشة- رضي الله عنها-، وذلك باعتبار أنهما شقا من ماء واحد بالنسبة إلى كل واحد من الأبوين في رحم واحد، قال الشاعر:
يا بن أمي ويا شقيق نفسي .... أنت خليتني لأمر شديد
[٢٨٨] ومنه حديث على رضي الله عنه (فمن ثم عاديت رأسي) عبر عن تعرية الرأس عن الشعر واستئصال ذلك بالجز ليصل الماء بالمعاداة على وجه الاتساع إلى عاملت مع رأسي معاملة المعادى، وقد ذهب بعض أهل العلم في معناه إلى الاستقصاء في إيصال الماء إلى أصول الشعر، وقد تعمق في تحقيق قوله (عاديت) حتى كان أن يفضى به إلى التكلف بل أفضى (...) هو الذي ذكرناه، ومما حملنا على اختيار هذا القول بعد مراعاة الظاهر ما رواه أبو محمد (...) الدرامي في كتابه من الزيادة بعد حديث علي رضي الله عنه هذا وكان علي- رضي الله عنه- يجز شعره، فأورد هذا القول مورد البيان لقول علي- رضي الله عنه- وقد روى مثل ذلك عن حذيفة- رضي الله عنه- وذلك (٥٣/أ) أنه خرج وقد طم رأسه فقال (إن تحت كل شعرة لا يصيبها الماء جنابة فمن ثم عاديت شعري كما ترون) قال شمر: معناه أنه طمه واستأصله ليصل الماء إلى أصول شعره، ولم يفسر قوله (عاديت) وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: (عاديت شعري) أي رفعته وعاديت الشيء أي باعدته، وهذا التفسير قريب مما ذكرناه في حديث علي- رضي الله عنه- ولو قدر معنى الرفع والمباعدة في حديث علي رضي الله عنه لم يستقم معناه إلا إذا قيل إنه حذف المضاف، وتقدير الكلام (فمن ثم عاديت شعر رأسي) ولو زعم زاعم أن المراد من الرفع في تفسير حذيفة رفع الشعر؛ لإيصال الماء في أصوله فقد أحال، وكذلك الذي فسر عاديت رأسي بالاستقصار في إيصال الماء إلى أصول الشعر؛ لأن في حديث حذيفة (وقد طم رأسه) أي استأصل شعره، وفي كتاب الدرامي (وكان يجز شعره) فأني يصح معنى الحديثين على قدر من الاستقصاء والمبالغة بعد استئصال الشعر بالجز.
[٢٩٠] ومنه حديث عائشة- رضي الله عنها- (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه بالخطمى وهو جنب) الحديث. الخطمى بكسر الخاء الذي يغسل به الرأس، ومعنى الحديث أنه كان يكتفى بالماء الذي يغسل به الخطمى عن رأسه، ولم تبينه كل التبيين؛ لأن من المعلوم أن الذي يغسل رأسه بالخطمى لابد وأن يغسله بالماء حتى يزيل عنه أثره.