للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفاق، فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير عليه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعث زيد بن حارثة- رضي الله عنه- أميرا على عدة سرايا، وأعظمها جيش مؤتة، وسار تحت رايته في تلك الغزوة نجباء الصحابة، منهم: جعفر بن أبي طالب- رضي الله عنه- وكان خليقا بذلك لسوابقه وفضله، وقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم كان يبعث أسامة، وقد أمره في مرض على جيش فيهم جماعة من مشيخة الصحابة وفضلائهم- رضي الله عنهم- وكأنه رأى في ذلك- سوى ما توسم فيه من النجابة- أن يمهد الأمر ويوطئه لمن يلي الأمر بعده؛ لئلا ينزع أحد يدا من طاعة، وليعلم كل منهم أن العادات الجاهلية قد عميت مسالكها، وخفيت معالمها.

(ومن الحسان)

[٤٦٦٦] قول جابر- رضي الله عنه- في حديثه، (وهو على ناقته: القصواء) قد ذكرنا في باب الحج معنى القصواء، وأنه لم يكن بها جدع، وأنها تارة تلقب بالجدعاء، وتارة بالعضباء، وأخرى بالقصواء، اعتورتها هذه الألقاب على حسب ما خيل للناظرين إليها، فمن ثم فليتفقد بيان ذلك. وفيه: (وعترتي أهل بيتي).

وقد أكثر أصحاب الغريب في العترة، فمنهم من قال: عترة الرجل: أولياءه. ومنم من قال: عترة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنو عبد المطلب. وقال القتبي: عترة الرجل أهل بيته الأدنون والأبعدون.

واستدل بحديث أبي بكر- رضي الله عنه- نحن عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيضته التي تفقأت عنه.

قلت: وفي حديثه أيضا حين سارره - صلى الله عليه وسلم - في أسارى بدر: يا رسول الله، عترتك وقومك). كأنه أراد بالعترة العباس ومن أسره معه من بني عبد المطلب وبقومه قريشا، على نحو من هذا فره الأزهري، والقول الأمثل في العترة من طريق اللغة، هو أن عترة الرجل: أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (أهل بيتي) ليلعم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>