للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٦٩٤] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس- رضي الله عنه-: (كفضل الثريد على سائر الطعام). قيل: إنما ضرب المثل بالثريد؛ لأنه أفضل طعام العرب، ولا يرون في الشبع أغنى غناء منه.

وقيل: إنهم كانوا يحمدون الثريد فيما طبخ بلحم جعل فوقه القدر اللحم. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (سيد الطعام اللحم) فكأن فضلها على النساء تفضيل اللحم على سائر الأطعمة، واستدلوا في ذلك بحديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: (فضل عائشة على النساء كفضل اللحم على سائر الأدم) [٣٣٤]

قلت: وقد يحتمل غير ذلك وكل هذه الأقاويل مستقيمة، غير أن [أصحاب ... ينسبون] القول عن سر ما أودع فيه، وهو أن الثريد مركب من الخبز واللحم، ولا نظير لهما في الأغذية، ثم إنه جامع بين الغذاء واللذة والقوة، وسهولة تناوله، وقلة المؤنة في المضغ، وسرعة المرور في المرئ من غير ما غصة، فضرب لها المثل به ليعلم أنها أعطيت مع حسن الخلق حسن الخلق، وحسن الحديث، وحلاوة المنطق، وفصاحة اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب إلى البعل، فهي تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها، والإصغاء إليها، وإلى غير ذلك من المعاني التي اجتمعت فيها، وحسبك من تلك المعاني أنها عقلت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مل لم تعقل غيرها من النساء، ورون عنه ما لم يرو مثله من الرجال.

[٤٦٩٨] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة- رضي الله عنها-: (في سرقة حرير) سرقة، على مثال مرقة: الشقة الجيدة من الحرير. قال أبو عبيد: وأحسبها فارسة قد عربت. وأصلها: سره، قال: والسرق، الشقق من الحرير، إلا أنها البيض خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>