فكيف التوفيق بين قوله:(لم تصلها امة قبلكم)، وبين قول جبرئيل- عليه السلام-: (يا محمد، هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك)؟).
قلت: الوجه فيه: أن قوله يحتمل أن الأنبياء كانوا يصلونها، ثم إنها لم تفرض على أمة من الأمم، إلا على هذه الأمة؛ فلا اختلاف بينهما إذن.
ويحتمل أنه أراد: لم تصلها أمة قبلكم على النمط الذي تصلونها؛ من التأخير، وانتظار وقت الفضيلة، والاجتماع لها في وقت ارتكام الظلام؛ وغلبة المنان على الأنام؛ والله أعلم.
[٤٠٧] ومنه: حديث رافع بن خديج- رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أسفروا بالفجر). أي: صلوا صلاة الفجر مسفرين. ويقال: طولوها إلى الإسفار؛ وهذا التأويل اختيار أبي جعفر الطحاوي وهو أقوى التأولين؛ لأنه يوفق بين الأحاديث التي وردت في التغليس والإسفار.
ومن الفصل الذي يليه
(من الصحاح)
[٤٠٩] حديث أبي موسى- رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من صلى البردين، دخل الجنة).
البردان: العصران، وذلك الأبردان، وهما الغداة والعشى، وأراد به المحافظة على صلاتي الصبح والعصر؛ لما في حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه:(حافظ على العصرين) قال وما كانت لغتنا، فقلت: وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها.
ومن المفهوم الواضح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخصص هاتين الصلاتنين بالمحافظة؛ تسهيلا للأمر في إضاعة