للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبهون سيوفا في صمامهم .... وطول أنصبة الأعناق في الأمم

وتصف من ألم به الهوان والذلة، ووقع في مهواة الحيرة: والانمطاع والإقناع وخضوع الأعناق؛ قال الله تعالى: {فظلت أعناقهم لها خاضعين}.

وهذا وجه حسن؛ وكذلك الوجه الذي قدمناه؛ لما فيهما من مراعاة حق العباة والمطابقة بين حال المؤذنين وبين ما وصفوا به؛ وذلك أنهم يمدون أعناقهم إذا رفعوا أصواتهم بالأذان؛ فيجازون في القيامة بما يناسب حالهم في العبادة.

ومن الناس: من يقول: (إعناقا) مكسورة الهمزة على المصدر، أي: إسراعا إلى الجنة؛ وهو قول غير معتد به رواية ومعنى.

[٤٢٩] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة: (حتى إذا ثوب بالصلاة، أدبر).

يعني: الإقامة؛ لأنه ذكر التأذين قبله، فعلمنا من هذين الحديثين- أعني حديث بلال، وحديث أبي هريرة- أن التثويب المنهى عنه- فيما عدا صلاة الفجر- هو ما يزيده المؤذن في أذانه من قول يرجع إلى معنى المبالغة في الدعاء، والتثويب الذي بمعنى الإقامة: خارج من جملته.

فأما النداء بالصلاة الذي يعتاده الناس بعد الأذان على أبواب المساجد- فغنه بدعة يدخل في القسم المنهى عنه، وقد نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه دخل مسجدا في بعض مغازيه، فسمع مناديا ينادى: (الصلاة الصلاة!)، في غير أذان ولا إقامة؛ فخرج ولم يصل فيه، وقال: هذه بدعة!

[٤٣٠] ومنه: حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسمع مدى صوت المؤذن ... الحديث).

<<  <  ج: ص:  >  >>