من القبلة حتى تكون معترضة بينه وبين من مر بين يديه؛ من قولهم: عرض العود على الإناء، والسيف على فخذه: إذا وضعه بالعرض، يعرضه ويعرضه أيضا فهذه وحدها بالضم.
وفيه (أرأيت إذا هبت الركاب): أي أقامت الإبل للسير، يقال: هبت الناقة في سيرها هبابا وهبوبا: أي نشطت.
وفيه (فيعدله فيصلي إلى آخرته) تعديل الشيء تقويمه يقال: عدلته فاعتدل، أي قومته فاستقام ومن رواه بالتخفيف فقد حرف، والحرف الذي في كتاب الله (فعدلك) إذا قرئ بالتخفيف فمعناه: صرفك من حال إلى حال، أو من هيئة إلى هيئة، ويجوز أن يكون بمعنى المشدد أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت؛ ولا يستقيم معنى الحديث على ما أوردناه من معنى لفظ التنزيل. وآخرة الرحل: هي التي يستند إليها الراكب.
[٥١٨] ومنه حديث أبي الجهيم- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ...) الحديث.
ذكر الشيخ أبو جعفر الطحاوي- رحمة الله عليه- في كتابه الموسوم بمشكل الآثار أن المراد من الأربعين في حديث أبي جهيم هو الأعوام لا الشهور ولا الأيام.
واستدل بحديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(لو يعلم الذي يمر بين يدي أخيه معترضا وهو يناجي ربه عز وجل لكان أن يقف مكانه مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها) ثم قال أبو جعفر: وحديث أبي هريرة- رضي الله عنه- متأخر عن حديث أبي جهيم؛ إن في حديث أبي هريرة زيادة في الوعيد على الوعيد الذي في حديث أبي جهيم؛ إن في حديث أبي هريرة زيادة في الوعيد على الوعيد الذي في حديث أبي جهيم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي بالتخفيف بعد الوعيد أو كلاما هذا معناه.
قلت: وحاصل هذا القول أن الشارع إذا نهى عن فعل وأوعد عليه ثم لم ينته عنه زاد في الوعيد تأكيدا للنهي ومبالغة في الزجر، ولا يظن به خلاف ذلك؛ لأن التخفيف في باب الوعيد لا يلائم الحكمة.
وأبو جهيم هذا هو عبد الله بن جهيم الأنصاري كذا ذكروه في كتب المعارف، وقد قيل هو ابن أخت أبي بن كعب- رضي الله عنه.