للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الصبح قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس، فتبين لنا من ذلك أن المراد من هذا القول أنه لم يكن يلبث (بين) الفريضة والنهوض إلى إقامة السنة إلا مقدار ما يقول (اللهم أنت السلام) الحديث، ومعنى أنت السلام أي السالم من المعائب والحوادث والغير والآفات وقد ذكرناه فيما مر. و (منك السلام) أي السلامة والمعنى أي منك يرجى ويستوهب ويستفاد، و (إليك يرجع)، الرجوع: العود إلى ما كان البدء، والرجع: الإعادة. والمعنى أن السلام منك وإليك بدءا وعودا في حالتي الإيجاد والإعدام.

قلت: وقوله (وإليه يرجع السلام) محتمل لمعنى آخر وهو قصر السلامة على ما يصح أن يضاف إلى الله تعالى رضا فيبتغي به وجهه ويتوسل به إليه وما عدا ذلك فليس من السلامة في شيء؛ وإن عده الناس منها. وأرى قوله (منك السلام وإليك يرجع السلام) واردا مورد البيان لقوله: (أنت السلام)، وذلك أن الموصوف بالسلامة فيما يتعارفه الناس لما كان هو الذي وجد بعرضة آفة ممن يصيبه بضرر أو مما يلحقه منه ضرر- وهذا مما لا يتصور في صفات الله ثم بين أن وصفه سبحانه بالسلام لا يشبه أوصاف المخلوقين- فإنهم بصدد الافتقار، وهو المتعالي عن ذلك فهو السلام الذي يعطي السلامة ويمنعها ويبسطها ويقبضها لا تبدأ إلا منه ولا تعود إلا إليه.

وفيه (تباركت ذا الجلال والإكرام) تبارك تفاعل من البركة وقد مر تفسيره من قبل والمعنى كثرت خيراتك الإلهية واتسعت. وذهب بعضهم في معناه إلى البقاء والدوام، وبعضهم إلى الجلال والعظمة، وقيل باسمه وذكره تنال البركة والزيادة ونفى المحققون أن تبارك في وصفه سبحانه على معنى الزيادة؛ لأنه ينبئ عن النقصان.

وفيه (ذا الجلال والإكرام) ومعناه المستحق لأنه يهاب لسلطانه ويثنى عليه بما يليق بعلو شأنه. والجلال والجليل؛ يقال: جليل بين الجلالة. والجلال: عظم القدر، والجلال: التناهي في ذلك، والإكرام مصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>