للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقة قلت: وفي معناه قوله ?: (خلق الإنسان على ثلاثمائة وستين مفصلاً) فتارة ذكر العظام؛ لأن بها قوام البدن وتارة ذكر المفاصل؛ لأن بها يتيسر القبض والبسط والتردد والنهوض إلى الحاجات.

وفيه: (ويجزي من ذلك ركعتان) أي: تكفي من قولهم أجزاني أي: كفاني.

[٨٨٨] ومنه حديث زيد بن أرقم عن النبي ? (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال). الأوب ضرب من الرجوع وذلك؛ لأن الأوب لا يقال إلا في الحيوان الذي له إرادة، والرجوع يقال فيه وفي غيره، فالأواب هو الراجع إلى الله تعالى بترك المعاصي وفعل الخيرات، ورمض الفصال أن تحرق الرمضاء عند ارتفاع الصبح (فيبرك) [١١٥/أ] الفصيل من شدة حرها وإحراقها أخفافها وقال هذا القول حين دخل مسجد قباء ووجد أهل قباء يصلون في ذلك الوقت وإنما مدحهم بصلاتهم في الوقت الموصوف؛ لأنه وقت تركن فيه النفوس إلى الاستراحة، ويتفرغ فيه ذوو الخلاعة للبطالة ثم إنه وقت ينقطع فيه كثير من دواعي التفرقة، ويتهيأ فيه أسباب الخلوة وصرف العناية إلى العبادة فترد على قلوب الأوابين من الأنس بذكر الله وصفاء الوقت ولذاذة المناجاة ما يقطعهم عن كل مطلوب سواه، ويوجد ذلك الوقت في المعاني التي ذكرناها مشابهاً للساعات المختارة في جوف الليل فيغتنم العبادة حينئذ، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>