للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحالة على القدرة الأزلية التي لا يستنكر منها شيء ولا يستغرب عنها أمر وكل عسير عليها يسير وإن قصرت العقول عن تصور ذلك وإدراكه فنقول: لا يستبعد [١٢٣/أ] , من قدرة الله أن لو أراد لبارك في ذلك القطف، فلم يؤخذ منها حبة إلا نشأ مكانها أخرى، وإما الذهاب إلى أنه أراد بذلك ما يتولد منه وينشأ يعني أن عجم الحبة منه إذا غاص في الأرض نبت منه الحبلة، فينبت في الأرض من ذلك الأصل غراس كثيرة يؤكل منها ما بقيت الدنيا.

ومنه حديث أبو موسى - رضي الله عنه - في حديثه (فقام النبي ? فزعاً يخشى أن تكون الساعة).

قلت: كان تغير رسول الله ? عند ظهور الآيات شفقاً على أهل الأرض أن تأتيهم غاشية من عذاب الله، فأما مجيء الساعة وإن خفي على النبي ? عنده إبان وقوعه فإنه كان يعلم أن الساعة غير آتية وهو بين أظهرهم وأنى يكون ذلك وقد وعده الله سبحانه بإتمام النعمة عليه وإكمال الدين له، ومجيء النصر والفتح إليه وظهور أمته على مدائن كسرى وممالك قيصر وقسمتهم كنوزهما في سبيل الله في أمور كثيرة وحوادث جمة لم يبلغ الكتاب فيها أجله، ولم يكن النبي ? متردداً في وقوع شيء من ذلك، فقول أبي موسى: (يخشى أن يكون الساعة) قول قاله برأيه، وشيء توهمه في نفسه لما رأى من دهش رسول الله ? وفزعه، وإنما كان يخشى أن ينزل الله بأسه على من عصاه من أمته، فإن قيل: يحتمل أن النبي ? لم يكن يومئذ على علم من الأمور التي ذكرتموها فخشي أن يكون الساعة ثم أوحي إليه بعد ذلك ما ذكرتم. قلنا: لا وجه لهذا الاحتمال فإن النبي ? كان يقول لخباب ولمن معه من المعذبين - رضي الله عنهم - وهو بمكة: (والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه) ولما كان يوم الخندق أعلمهم أنهم سيظهرون على فارس والروم، وكل ذلك قبل فتح خيبر، وإنما قدم أبو موسى على النبي ? مع جعفر من الحبشة بعد فتح خيبر، ثم إن النبي ? صلى تلك الصلاة التي في حديث أبي موسى بعد موت ابنه ابراهيم عليه السلام ذكر ذلك في بعض طرق حديثه هذا وإبراهيم عليه السلام توفي في السنة العاشرة على قول أكثر أهل العلم بالسير فلا وجه للحديث إذا أن يحمل على غير ما ذكرناه.

(ومن الحسان)

[١٠١٣] حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قيل له: (مات فلانة بعض أزواج النبي?) الحديث. بعض يجوز فيه الرفع والنصب، فالرفع على تقدير: وتلك بعض وما [١٢٣/ب] أشبه ذلك، والنصب على تقدير: يعنون بعض أزواج النبي ? وهو أمثل وفيه (إذا رأيتم فاسجدوا) أي آية

<<  <  ج: ص:  >  >>