الرجل الذي كان يلحد بالمدينة: أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري- رضي الله عنه-، والآخر: هو أبو عبيدة بن الجراح- رضي الله عنه-، واللحد: الشق في جانب القبر، وكانت العرب يلحدون ويضرحون؛ قال أبو ذؤيب الهذلي- رضي الله عنه- يبكي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
لما رأيت الناس في عسلانهم .... ما بين ملحود له ومضرح
والضريح: هو الشق في وسط القبر، وفي حديث جرير- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللحد لنا، والشق لغيرنا) أي: اللحد هو الذي نؤثره ونختاره، والشق: اختيار من كان قبلنا، وفي ذلك بيان فضيلة اللحد، وليس فيه النهي عن الشق؛ والدليل عليه: حديث عروة هذا؛ إذ لو كان منهيا عنه، لم يكن أبو عبيدة ليصنعه مع جلالة قدره في الدين، والأمانة، ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم يقولوا دون دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيهما جاء أولاً عمل عمله)، وفى حديث أنس رضي الله عنه: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان رجل يلحد، ورجل يضرح، فقالوا: نستخير ربنا عز وجل، ونرسل إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأرسل إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
قلنا: فلما اختاره الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، علمنا أن اللحد أفضل، ونرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن الشق مع إيثاره مخالفة أهل الكتاب، ومع قوله:(اللحد لنا، والشق لغيرنا)؛ لأن الناس في كثير من البلدان مضطرون إلى الشق إذا كانت الأرض رخوة أو دمثة ذات رمل، وإذا كانت صلبة: فالاختيار اللحد، لأنه أفضل ١٣٥] /أ].