للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: روى هذا الحديث من غير وجه واحد عن شعبة، وفي سائرها: أمير أو: أمين نفسه.

[١٦٥/ب] على الشك، ورواء أبو داود: (أمين نفسه) بالنون من غير تردد، ووجه قوله أمير بالراء مبين بما بعده من الحديث، وأما وجهه بالنون فهو أن الأمين إذا كان أمين نفسه فله أن يتصرف في أمانة نفسه على ما يشاء، وإذا كان أمين غيره فليس له ذلك، فالصائم من الفريضة، وما وجب عليه إذا أفطر من فريضة، فقد خان أمانة الله، والمتطوع في فسحة من ذلك غير منسوب إلى الخيانة، وقد استدل من لا يرى القضاء على المتطوع بهذا الحديث، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم هانئ أيضًا: (فلا يضرك إن كان تطوعًا) ويدل قوله: (إن شاء صام، وإن شاء أفطر) على أن له أن يفطر نظرًا إلى ما يبدو له من الأمور التي ائتمن عليها كالذي يضيف قومًا، أو ينزل بقوم، وهو يحبون أن يفطر، ويرى هو في ترك الإفطار استيحاشًا من جانب صاحبه، فله أن يساعده على ما يؤنسه من غير حرج وتبعة، وهو أمين على نفسه فيما يراه راعيًا شرائط الأمانة فيما يتوخاء، وهذا معنى قوله: (لا يضرك)، وليس في أحد القولين دليل على أن القضاء واجب عليه بعد الإلزام، لاسيما، وقد ورد الحديث بالأمر بقضائه، وهو حديث عائشة الذي يتلو هذا الحديث.

فإن قيل: هو حديث لا يكاد يصح من جهة إسناده. قلنا: نعم، وقد روى الترمذي أيضًا حديث أم هانئ: (لا يضرك إن كان تطوعًا) ثم قال: في إسناده مقال، وقد روت عائشة بنت طلخة عن عائشة انها قالت: دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إنا قد خبانا لك حيًا، فقال: (أما إنى كنت لأريد الصوم ولكن قريبه سأصوم يومًا مكانه) وهو حديث اتصل سنده مع اختلاف الرواة، في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>