[٨٦] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر رضي الله عنهما:(إن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة) تقدير الكلام: إن كان من أهل الجنة مقعد من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه، وفيه (حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة) والهاء ترجع إلى المقعد، ويجوز أن يعود الضمير إلى الله تعالى، هذا لفظ المصابيح.
وقد روى أيضا في الأحاديث الصحاح:(حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة) أي هذا مستقرك إلى يوم القيامة، ويجوز أن يكون التقدير: حتى يبعثك الله إلى محشر يوم القيامة، فحذف المضاف.
[٨٧] ومنه حديث عائشة رضي الله عنها فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلى صلاة، إلا تعوذ من عذاب القبر) فالشكل من هذا الحديث: أنا لا ندري: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك ولا يتعوذ أم كان يتعوذ ولم تشعر به عائشة، أو سمع ذلك ... فتعوذ منه، ولقد وجدت في مسموعات أبي جعفر الطحاوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع يهودية في بيت عائشة تقول: إنكم تفتنون في القبور فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:(إنما تفتن يهود) قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور) فلو صح هذا لذهبنا إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - توقف في شأن أمته في فتنة القبر، إذ لم يوح إليه شيء، فلما أوحي إليه تعوذ منه، ووجدنا في حديث آخر، أن عائشة- رضي الله عنها- قالت: فلا أدري: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ قبل ذلك ولم أشعر به أو تعوذ لقول اليهودية) فعلى هذا يحتمل أنه كان يتعوذ ولم تشعر به عائشة- رضي الله عنها- فلما رأى استغرابها لهذا القول وتعجبها منه أعلى بالتعوذ؛ ليترسخ ذلك في عقائد أمته، ويكونوا من فتنة القبر على خيفة، والله أعلم.
[٨٨] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن ثابت- رضي الله عنه-: (لولا أن لا تدافنوا؛ لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر) هذا كلام مجمل، والذي يسبق منه إلى الفهم هو: أنهم لو سمعوا ذلك لتركوا التدافن؛ حذرا من عذاب القبر. وفي هذا المعنى نظر؛ لأن المؤمن لا يليق به ذلك، بل يجب عليه