للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه (مربوط بشطنين) الشطن: الحبَل وقيل هو الحبل الطويل وإنما ذكر الربط بشطنين تنبيها على جموحه واستصعابه فإنّه لو كان لين العريكة لكفاه شطن واحد وإلى هذا المعنى التفت من قال في وصف فرس: كأنه شيطان في أشطان.

وفيه (وجعل فرسه يَنَقُز) روى قوله ينقز في كتاب البخاري بالقاف والزاي المنقوطة من قولهم: قَفز يقفز قفزانا أي وَثب ويقال جاءت الخيل تَعُدو القنزى. وروى بالفاء من النفاد وفي بعض طرقه من كتاب البخاري وجعل فرسه ينزز وفي الترمذي (يركض) وينفر بالفاء أشبه بالصواب لما في كتاب مسلم (وجعل فرسه ينفر منها). وفيه أيضًا ينفز وكلا [الروايتين تبين] المراد. والاختلاف فيه من بعض الرواة.

وفيه: (تلك السكينة تنزلت بالقرآن) مضى تفسير السكينة في كتاب العلم وإنما سمي تلك السحابة سكينة لسكون القلب إليها. وإظهار أمثال هذه الآيات على العباد من باب التأييد الإلهي يؤيد بها المؤمن فيزداد يقينًا ويطمئن قلبه بالإيمان إذا كوشف بها. وقوله (بالقرآن) أي لأجل القرآن أو تكون الياء للسبب وكلا القولين متقارب عن الآخر.

[١٤٦٢] ومنه: حديث أبي سعيد [١٧٠/ب] بن المعلى الأنصاري الزُرَقى: (كنت أصلي فدَعاني النبي عليه السلام ... الحديث) أبو سعيد هذا لا يُعرف في الصحابة إلا بحديثين أحدهما هذا وهو عند شعبة والآخر عند الليث بن سعد بإسناده عنه قال: (كنا نَغدُو إلى السوق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنمر على المسجد فنصلي فيه، فمررنا يوماً ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فقلت لقد حَدث أمر فجلست فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية {قد نرى تقلب وجهك في السماء} حتى فرغ من الآية فقلت لصاحبي: تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله فنكون أول من صلى ... الحديث) وقد رُوى ذلك عن غير أبي سعيد أيضًا وأما بيان قوله: (فما منعك أن تأتي)، فقلت: كنت أصلي فقال: (ألم يقل الله {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} فقد مرَّ منه ما فيه غنية في بيان حديث ذي اليدين).

وفيه (ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن) السورة كل منزلة من البناء ومنها القرآن؛ لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الآخرى، أو قطعة مفردة من جملة القرآن، فكأنما أُخذ من سُور المدينة وهو حائطها المشتمل عليها تشبيها بها لكونها محيطا بها إحاطة السور بالمدينة وقول النابغة:

ألم ترَ أن الله أعطَاك سورةً .... ترى كلّ ملك دونها يتَذبذبُ

يريد شرفًا ومنزلة ولعلها سميت بذلك؛ لأنها المنزلة الرافعة. وإنما قال أعظم سورة اعتبارًا بعظم قدرها

<<  <  ج: ص:  >  >>