للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيري)، يقال لزائر المكان: عامر وللمقيم به: عامر من قولهم: عمرت المكان وعمرت بالمكان إذا أقمت به، ومنه عمار البيت، وهم سكانها من الجن، واصل ذلك من العمارة التي هي نقيض الخراب، واستعمل في الزيادة لما فيها من عمارة الود، ومنها استق العمرة، واستعمل في الإقامة، لأن بها عمارة المكان، وقيل في قوله سبحانه:} واستعمركم فيها {جعلكم من عمارها أي: سكانها، وقيل: جعلها لكم مدة عمركم، وقيل: فوض إليكم عمارتها، ويقال: أعمر الله بك منزلك وعمر بك منزلك، أي جعله معموراً بك فعامر السموات على الحقيقة هو الله سبحانه، لأنه هو الذي أقامها ثم جعلها عامرة بسكانها الذين {لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون (١٩) يسبحون الليل والنهار لا يفترون} فلم يكن الاستثناء للاشتراك في المعنى إذ هو سبحانه بائن عن خلقه بجميع صفاته، لا يحيط به شيء وهو بكل شيء محيط، بل كان الاستثناء لتناول اللفظ كلا المعنيين، وجواز استعماله في الصيغتين فالله تعالى عامرها لما خلق فيها من الملائكة الذين هم سكانها فعمرها بهم، ولما قيض من إبقائها وحراستها عن التفاوت والتهافت على ما قال عز من قائل: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} والملائكة عمارها للمعنى الذي ذكرناه.

[١٥٩٦] ومنه: حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملؤه .....)، التسبيح أخذ من السبح، وهو المر فاستعمل التسبيح في المر السريع في عبادة الله وجعل ذلك في الخير قولاً كان أو فعلاً أو نية وأريد به في هذا الحديث ذكر الله تعالى على نعت التنزيه، ولما كانت الطاعات مقصورة على هذه الأقسام الثلاثة (١٩١/ب).

(أعني) القول والفعل والنية وكانت النية مقترنة بالإثنين أعني القول والفعل لا يصح أحدهما مع خلوه عن النية التي هي قصد القلب -رجع الأمر فيها إلى قسمين قول وفعل.

ولما كان التسبيح من أفضل ما يقال وأتمه أقيم سائره في الثواب وذلك النصف من كفة الحسنات؛

<<  <  ج: ص:  >  >>