للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: {أنت آخذ بناصيته}: الأخذ بالناصية تمثيل لكون كل شيء في قبضته وملكته، وتحت قهره وسلطانه، وإنما لم يقل: من شر كل شيء استغناء بوضوح البرهان على أن لا شيء في الموجودات إلا وقد اشتملت عليه، وهو تحت قدرته الأزلية موسوم بالذل والصغار (٥/ أ/ جـ ٢).

وفيه: (اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم): الغرم والمغرم: ما ينوب الإنسان منه في ماله من ضرر لغير جناية منه، وكذلك ما يلزمه أداؤه. ومنه الغرامة، والغريم: الذي عليه الدين، والأصل فيه الغرام، وهو الشر الدائم، والعذاب، المراد من المغرم ما يلزم به الإنسان من غرامة، أو يصاب به في ماله من خسارة، وما يلزمه كالدين، وما يلحق به من المظالم. والمأثم مصدر كالإثم: وهو الوقوع في الذنب، وفيه: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) فسر الجد قبل ذلك بالغنى، وهو أكثر الأقاويل، وهو في المعنى بمنزلة قوله تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}. وقيل المراد منه الحظ، وهو الذي يسميه العامة البخت. وقد ورد في الحديث أن جمعاً من المسلمين في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - تذاكروا فيما بينهم الجدود، فقال بعضهم: جدي في النخل، وقال الآخر: جدي في الإبل، وقال الآخر: جدي في كذا، فسمع به النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا يومئذ بدعائه هذا؛ فإن صح فهو الوجه، لا معدل عنه؛ إلا أن فيه مقالاً، ورواه بعضهم بكسر الجيم، ورد عليهم أبو عبيد فقال: الجد: الانكماش، والله تعالى دعا الناس إلى طاعته، وأمرهم بالانكماش عليها على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ فكيف يدعوهم إليه، ويأمرهم به، ثم يقول لا ينفعهم؟!

وقال ابن الأنباري: ما أظن القوم ذهبوا في معناه إلى الذي قاله أبو عبيد، بل ذهبوا إلى أن صاحب الجد على حيازة الدنيا الحريص عليها لا ينفعه ذلك، وإنما ينفعه عمل الآخرة.

[١٦٦٤] ومنه حديث ابن عمر- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خلتان لا يحصيهما رجل مسلم ..) الحديث: خلتان أي خصلتان لا يأتي عليهما رجل مسلم بالإحصاء كالعاد للشيء، ومعناه ما ذكره في

<<  <  ج: ص:  >  >>