الإمام جدا). الحديث: قوله: (في موقف لنا) يدل على أن قومه كانوا يقفون قبل الإسلام موقفهم ذلك، وقوله (يباعده) أي يجعله بعيداً في وصفه إياه بالبعد. و (جدا) نصب على المصدر، أي: يجد في التبعيد جدا، والتباعد يجيء في كلامهم بمعنى التبعيد، وبه ورد التنزيل:{ربنا باعد بين أسفارنا}.
وفيه:(فأتانا ابن مربع) هو زيد بن مربع الأنصاري من بني حارثة، كذا ذكره الإثبات من علماء النقل. وقيل: عبد الله بن مربع بن قبطي. والميم من مربع مكسور.
وفيه:(قفوا على مشاعركم): المشاعر جمع مشعر، والمراد منها هاهنا مواضع النسك، ويسمى كل موضع من مواضع النسك مشعراً لأنه معلم لعبادة الله.
وفيه:(على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام): أعلمهم أنهم لم يخطئوا سنة خليل الله، وذلك؛ ان قريشاً ومن دان دينهم كانوا لا يرون الخروج عن الحرم للوقفة (٣٨ ب/ج ٢) ويقولون نحن قطان الحرم فلا ندعه بحال، وكان غيرهم من العرب يقفون بعرفات، فلما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووقف موقفه الذي يقف دونه الإمام، أعلم من وقف بها أنه على منهاج إبراهيم-عليه السلام- وأن من بعد موقفه عن موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - كمن دنا، وذلك منه لمعنيين: أحدهما تسفيه رأي من رأى في الخروج عن الحرم حرجاً للوقفة. والثاني: إعلامهم بأن عرفة كلها موقف لئلا يتنازعوا في مواقفهم، ولا يتوهموا أن الموقف ما اختاره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يرون الفضل في غيره، فينتهي بهم ذلك إلى التشاجر، وإلى تصور الحق باطلاً ولهذا قال:(وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف) وفي معناه حديث جابر الذي يتلوه.
[١٨٠٩] ومنه حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(خير الدعاء دعاء يوم عرفة ..) الحديث: خير الدعاء أي خيره لصاحبه وأنفعه، وذلك لكونه أعجل إجابة، وأجزل ثواباً،