(ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه) فمعناه: أنه لا يستكمل درجات أهل الإيمان، حتى يخالف هواه في إتباع الشرع، فلا يسلط هواه على الحق، بل يكون الحق الذي جئت به مسلطا عليه. وإن قيل: معناه: أن يوافقه الهوى على إتباع الشرع موافقته على ما لو فاته فيستمر على الطاعة من غير كراهة في النفس، ويذهب عنه كلفة التكليف، وذلك حين يذهب كدر النفس، ويبقى صفوتها، فتتحلى بالصفات النورانية، وتؤيد بالقوى الروحانية، فله وجه، إلا أنها حالة نادرة لا توجد إلا في المحفوظين من أولياء الله، ومن الله المعونة في تيسير كل عسير.
وإن حمل على ظاهر اللفظ، فمعناه: أنه لا يؤمن حتى يعتقد مخالفة هواه، فإنه إذا اعتقد ذلك وعرفه بالفرضية على نفسه، فقد جعل هواه تبعاً للشرع، وإن لم يستقم في المعاملة به.
(ومن الحسان)
[١٢٥] حديث عمرو بن عوف المزني - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الدين ليأرز إلى الحجاز .. الحديث) يأزر أي: ينضم إليها، ويجتمع بعضه إلى بعض فيها، والمأرز: الملجأ. والحجاز: مكة وما ينضم إليها من البلاد، سميت بذلك لأنها حجزت بين نجد والغور. وقال الأصمعي: لأنها احتجزت بالحمراء والخمس. وفيه:(وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل) وليعقلن: أي: ليمتنعن به، فيتخذه معقلاً، أي: ملجأ، كما تتخذه الأروية من رأس الجبل. والأروية: الأنثى من الوعول.