للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر ألفاظ هذا الحديث قد جاءت مفسرة في حديث ابن عمر، وجابر، قبل حديث جابر هذا، ولكنا أحببنا أن نذكر معانيها على وجه التحقيق على ما استخرجناه من كتب اللغة وكتب غريب الحديث.

فمنها المحاقلة؛ أخذ من (الحقل)، وهو الزرع إذا تشعب ورقة قبل أن يغلظ سوقه، وإلى هذا المعني التفت من ذهب في تفسير المحاقلة إلى أنها بيع الزرع في سنبله بالبر وعلى ذلك فسر في حديث جابر، فقيل: المحاقلة: أن يبيع الرجل الزرع بمائه فرق (حنطة، ولا أدري من المفسر، غير أن قوله (بمائه فرق حنطة) كلام ساقط؛ وكذلك في بقية التفسير، وكان من حق البلاغة أن يأتي بالمثال من غير تسعين في العدد؛ فإن قوله: (بمائة فرق) موهم بأنه إذا زاد أو نقص عن المقدار المنصوص عليه، لم يكن ذلك محاقلة.

والحقل - أيضا - القراح الطيب؛ وإلى هذا المعني التفت من قال: هو (اكتراء) الأرض بالحنطة، ومن قال: إنها المزارعة بالمثلث والربع والأقل والأكثر منهما.

ومنه: المزابنة، وهي بيع التمر في رءوس النخل بالتمر؛ قال الأزهرى: وأصله من الزبن، وهو الدفع، كأن كل واحد من المتعاقدين يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه، وقال ابن الأنباري، إذا وقفا على العيب، حرص البائع [٨٧] على إمضاء البيع، وحرص المشترى على فسخه.

ومنها: المخابرة، وهى المزارعة على النصيب، والخبرة النصيب؛ يقال: تخبروا خبرة: إذا اشتروا شاة فذبحوها، واقتسموا لحمها.

وقيل: هي من الخبير، وهي الأكار، وذكر الهروي عن ابن الأعرابي، أن أصله من خبير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أقرها في أيدي أهلها على النصيب، فقيل: خابرهم، أى عاملهم في خيبر، ثم تنازعوا، فنهاهم عن ذلك، ثم جازت بعد ذلك.

قلت: وعلى هذا ينبغي أن تكون المخابرة لم تعرف قبل الإسلام. والوجهان الأولان أوضح.

ومنها: (الثنيا)، والثنيا - بالضم: الاسم من الاستثناء؛ وكذلك الثنوى، وهي في البيع أن يستثني منه شيء

وقال الفتيبي: أن يبيع شيئا جزافا، ثم يستثني شيئا منه، قال: وتكون الثنيا في المزارعة أن يستثني بعد النصف أو الثلث: كيلا معلوما.

ومنها: العرية؛ قيل: إنها من قولهم: أعريت الرجل النخلة: إذا أطعمته ثمرتها عامها، فيعروها، أي: يأتيها؛ فيكون (أعربته) في معنى: جعلت له أن يأتيها متى شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>