للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتكر فهو خاطئ) الاحتكار: جمع الطعام وحبسه يتربص به الغلاء، وهو الحكرة- بالضم- وقوله: (خاطئ) أي: آثم. يقال: خطئ، يخطأ، خطا، وخطاة على (فعلة): إذا تعمد الذنب. ومن ذلك قوله تعالى: {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} أي: ذنبا كبيرا. والاسم الخطيئة على (فعيلة). ولك أن تشدد الياء. وأخطأ: إذا تعاطي الخطأ، وهو نقيض الصواب، من غير تعمد.

وقد اختلف أهل العلم في الجنس الذي يكون فيه الاحتكار، والأكثرون على أنه في الطعام، وهذا القول هو الذي ينصره الوضع اللغوي.

واختلفوا فيما يستغله من ضيعته، أو يجلبه من بلد إلى بلد، فيتربص به زيادة السعر، هل يصير به آثما؟ فالأكثرون علة أنه خارج عن القسم المنهي عنه، ويرون القسم المنهي (٤٨ ب) ما يعترض فيه سوق المسلمين، ويدخل الضرر عليهم في أسعارهم.

[٢٠٤٥] ومنه حديث عمر- رضي الله عنه- كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة .. الحديث) بنو النضير: حي من يهود المدينة، صالحوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قدمته على المدينة، أن لا يكونوا له ولا عليه، فلما وقعت وقعة أحد طارت في رءوسهم نعرة الخلاف، ومناهم المنافقون، فنكثوا العهد، وسار زعميهم الخبيث كعب بن الأشرف في رجال منهم إلى أهل مكة، فحالفوهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة الأنصاري في نفر الأنفار إليه ليقتله، فقتله ليلا، فصبحهم بالكتائب، فحاصرهم حتى قذف الله الرعب في قلوبهم، وأيسوا من نصر أجلب عليهم البلاء من المنافقين، بإطماعهم في النصر، فطلبوا الصلح فأبي عليهم إلا الجلاء، فجلوا إلى أريحا وأذرعات من الشام وإلى خيبر، إلا طائفة منهم لحقت بالحيرة، فأفاء الله أموالهم على رسوله. أي: جعلها فيئا لهم، والفيء: الغنيمة التي لا يلحق في حيازتها مشقة، أخذ من الفيء والفيئة وهو الرجوع. ومعنى ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص من ذلك بشيء لم يكن لغيره فكان له أن يستبد به دون غيره، وكان هذا القول من عمر- رضي الله عنه- حين تقاول علي والعباس- رضي الله عنهما- فيما تقاولا من مال الفيء.

وفيه: (ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع): اسم لجمع الخيل، وتعلق هذا الحديث بهذا الباب هو: أن حبس الطعام لنفقة العيال إلى تمام السنة ليس من الاحتكار في شيء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك.

[٢٠٤٧] ومنه حديث أنس- رضي الله عنه-: (غلا السعر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث) سمى سعرا تشبيها باستعار النار؛ لأن سعر السوق يوصف بالارتفاع، وسعرت وأسعرت، أي: فرضت وقدرت

<<  <  ج: ص:  >  >>