للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

ندين ويقضي الله عنا، وقد نرى .... مصارع قوم لا يدينون ضيعا

وهذا الحديث على ما فيه من الإرسال غير مستقيم المعني؛ لما فيه من ذكر بيع النبي - صلى الله عليه وسلم - مال معاذ من غير أن [حبسه] أو كلفه ذلك، أو طالبه بالأداء فامتنع، والذي يعرف من مذاهب زعماء النحل فيمن أحاطت به الديون، وطولب بها، وكان له مال، أنه يحبس بها حتى يبيع ماله فيها، وليس للحاكم أن يبيع شيئا من ماله بغير إذنه، أو يأمره الحاكم ببيع ماله [٤٩ ب] فإن امتنع باعه الحاكم فيها، واستثنى بعضهم مما يباع من ماله داره التي لا غني به عنها في السكني وخادمه. والحديث لا يدل على شيء من هذه الأقسام، بل يدافعها، ولم يكن معاذ مع فضله وعلمه أن يمتنع من أمر يحكم به عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يحق أن يظن به ذلك، ولا بأحد ممن نال شرف الصحبة، قال الله تعالي: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}.

[٢٠٦٧] ومنه حديث الشريد بن سويد الثقفي- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) اللي: المطل، من قولك: لويت حقه: إذا دفعته به. والواجد: الغنى، من قولهم: وجد في المال وجدا ووجدا ووجدا، وجدة، أي: استغني، ويصح أن تكون من: وجد مطلوبه يجده وجودا، والمراد منه: الذي يجد ما يقضي به دينه، والأول أوثق لمطابقة الحديث الآخر: (مطل الغني ظلم) والمراد بتحليل العرض: ما يستوجبه من الملام، ويتوجه عليه من النسبة إلى الظلم، والتعيير بأكل أموال الناس بالباطل، وبتحليل العقوبة: حبسه دون الإلظاظ والامتناع.

[٢٠٦٨] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- لعلي- رضي الله عنه-: (فك الله رهانك من النار، كما فككت رهان أخيك المسلم) فك الرهن: تخليصه، وفك الرقبة: عتقها. وفك الرقبة: عتقها. وفك الإنسان نفسه: أن يسعى فيما يعتقها من عذاب الله، والرهان: جمع رهن، والمراد من قوله هذا: هو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>