و (المغيبة) هي التي غاب زوجها، يقال: أغابت المرأة فهي مغيبة، بالهاء، ومشهد، بلا هاء. فإن قيل: كيف التوفيق بين قوله: (أمهلوا حتى ندخل ليلاً) وبيم ما روى أنه (نهى أن يطرق الرجل أهله) والطروق: هو أن يجيء أهله ليلاً.
قلنا: المنهي عنه من الطروق: هو أن تقدم من سفر ليلاً من غير إعلام واستعلام وإمهال لتتمكن المغيبة من حاجتها، وتستعد للقاء الزوج. وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم من سفره نهاراً، وأكثر ما روى قدومه عند ارتفاع النهار وأوله، ويجلس للناس في المسجد، فالوجه في حديث جابر، أنهم قدموا نهاراً، فأمرهم بالتلبث، ليجدوا أهلهم على ما يحبون، فلم يوجد في ذلك المعنى الذي بسببه نهوا عنا لطروق، والأقرب أنه أراد الدخول ليلاً الاجتماع والإفضاء إليهن.
(ومن الحسان)
[٢٢١٧] حديث عبد الرحمن بن عويم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير) إنما أضاف العذوبة إلى الأفواه ما تحويه من الريق، ويقال للريق والخمر الأعذبان، والعذب: الماء الطيب، و (أنتق أرحاماً) أي: أرحامهن نتقاً للولد والأصل في (النتق) قلع الشيء والرمي به. ولهذا قيل للمرأة الكثيرة الأولاد: ناتق؛ لأنها ترمي بالأولاد [رمياً] يقال: نتقت المرأة، فهي ناتق، ومنتاق. وقوله:(وأرضى باليسير) أي: من الإرفاق؛ لأنها لم تتعود في سالف الزمان دون معاشرة الازواج ما يدعوها إلى استقلال ما تصادفه في المستأنف.
وعبد الرحمن هذا هو عبد الرحمن بن عويم. من أهل العقبة، وولد هو في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ير له رؤية ولا رواية، فلهذا قال: مرسل. وفي نسخ المصابيح: ابن عويمر، بزيادة الراء، وهو غلط.