جابر: فعلناهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهانا عنه عمر، فلم نعد لهما. ومعلو، أن الصحابة في زمان عمر وبعده كانوا يتمتعون بالعمرة إلى الحج، فأما التي لم يفعلها أحد من الصحابة ثم من بعده، بعد أن بينها لهم عمر هي المتعة التي خص بها الركب الذين كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته، كما خصت متعة النكاح بمن كانوا في زمانه ممن أضر بهم الغلمة، حتى استأذنوا في الخصاء.
فإن قيل: قد ذكرتم من حديث سبرة، أنه نهى يوم الفتح متعة النساء وكذلك أخرجه مسلم في كتابه، وقد روى أبو داود في كتابه عن سبرة أيضا ـن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم حجة الوداع، وقد ذكرتم من حديث سبرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة) فكيف بالتوفيق بينهما؟
قلنا: روى في كتاب مسلم عن الزهرى، رواه عنه معمر. وفي روايته:(يوم الفتح) ورواه عنه أيضا صالح، وفي روايته [٦٩/أ](زمان الفت) ورواه عن الزهرى في كتاب أبي داود إسماعيل بن أمية: (يوم حجة الوداع) والعبرة براوية معمر وصالح، على ما رواه مسلم و (يوم حجة الوداع) وهم من إسماعيل أو ممن قبله من الرواة، مع أنه ليس باختلاف تناقض، فيحتمل أنه نهى عنها أيضا يوم حجة الوداع؛ ليكون أبلغ في الإبلاغ.
(ومن الحسان)
[٢٢٦٢] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-: (كاليد الجذماء) أي: المقطوعة- والجذم: سرعة القطع. يعنى: أن كل خطبة لم يؤت فيها بالثناء على الله، فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة فيها لصاحبها. وأصل التشهد قولك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ويعبر به عن الثناء، وفي غير هذه الراوية:(كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء) الشهادة: الخبر المقطوع به.