[٢٥٥٢] ومنه حديثه الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته" ذهب بعض أهل العلم في تأويل "خلق آدم على صورته" إلى أن الضمير راجع إلى آدم وفائدته: أن أحدًا من خلق الله لم يخلق على ما هو عليه من تمام الصورة غير آدم، فأما غيره فإنه منقلب في أطوار الخلقة من نطفة إلى علقة إلى مضغة، ثم إلى غير ذلك من تارات الحالات يصير من صغر إلى كبر، حتى يبلغ أشده.
وهذا الكلام وإن كان صحيحًا فإن التأويل عليه فاسد لوجهين أحدهما: لما صح من طرق هذا الحديث "فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن" والثاني: أن الكلام يبقى خاليا عن الفائدة؛ لأن كون آدم مخلوقاً على صورته التي كان عليها لا يقتضي الاجتناب عن الوجه في المقابلة مع الاشتراك الذي كان بين آدم وحواء في تلك الصفة، وإنما الوجه فيه: أن يكون الضمير راجعًا إلى الله - سبحانه - رجوعاً إليه في بيت: الله، وناقة الله، وما يشبه ذلك من إضافة التكريم. والمعنى: أن الله تعالى أكرم هذه الصورة بإضافتها إليه؛ لأنه أبدعها إبداعًا عجيبًا لم يشارك الإنسان فيها أحد، فهي أحسن الصورة، كما قال سبحانه {وصوركم فأحسن صوركم} ثم أكرمها [بسجود] ملائكته، فمن حق هذه الصورة أن تركم فلا يستهان بها، فإن الله أكرمها وليس لأحد أن يستخف بما أله الله لباس الكرامة، فيكره أن يقصد الوجه بالضرب؛ لأن الله خلق آدم على صورته التي أكرمها بالإضافة إلى نفسه للمعاني التي ذكرناها.
[٢٥٥٦] ومنه حديث سمرة - رضي الله عنه - "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقد السير بين الأصبعني" القد الشق طولاً تقول: قددتُ السير وغيره أقُدّه قدا. ومنه الحديث:"كانت ضرباتُ علىّ - رضي الله عنه - أبكارًا، إذا اعتلت قَدَت، وإن اعترضت قطّت".