وفيه:(ولا القانع مع أهل البيت) هو كالتابع والخادم. وأصله السائل، وذلك لوجود التهمة في جر المنفعة إليهم، وكل ما وجد أحاديث هذا الباب غير معمول به عند بعض العلماء، فلا يخلو عن وهن في الحديث، أو ترجيح فيما يخالفه من طريق الرواية، أو احتمال تأويل يستقيم معه الجمع بين المختلف فيه من الروايات.
[٢٧٥٢] ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب القرية) ذهب إلى ظاهره بعض العلماء، والوجه فيه- على قول من يرى خلاف ذلك- أن يقال: يحتمل أن يكون معنى قوله: (لا تجوز) أي لا يحسن ذلك، ولا يرتضى؛ لحصول التهمة ببعد ما بين الرجلين، ثم لتعذر الوقوع بالبدوي عند الحاجة إلى إقامة الشهادة.
[٢٧٥٣] ومنه حديث عوف بن مالك- رضي الله عنه-: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بين رجلين، فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل .. الحديث) العجز: أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر، وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وأريد به هاهنا التأخر عن الأمر بترك التدبير، والتقاعس عن مظان الطلب، والكيس ضد الأحمق. وأريد به هاهنا: التيقظ في الأمر وإثباته من حيث يرجى حصوله، وقد تبين لنا من نسق الكلام أن الرجل كان متكاسلاً لم يعط خصمه في الجواب حقه، ثم عرض بقوله: حسبي الله ونعم الوكيل أن صاحبه تعدى عليه فيما ادعاه، فبين له نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سلك في ذلك في سبيل العجز، فصار ملوماً من قبل الله، حيث ترك ما أقام له من الأسباب ويسر عليه من المقال، وإنما كان عليه أن يبذل مجهوده في بيان الحق، وكف المتغلب عن العدوان، ثم إن غلبه الأمر وعز عليه المطلب، فلم يجد إلى الدفع سبيلاً حسن فيه أن يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.