فداء أبي العاص ... الحديث) زينب هذه بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تحت أبي العاص بن الربيع ابن عبد شمس القرشي العبشمي، فلما أسر ببدر بعثت في فدائه وهي بمكة، فرق لزينب حين رأى القلادة وتذكر غربتها [وحدتها] ووجدها به، وتذكر عهد خديجة فإن القلادة كانت لها.
وفيه (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب) أخذ عليه يريد به العهد، ولم يرد بتخلية سبيلها الطلاق، وإنما أراد به أن يريلها، بإذن لها في الهجرة إلى المدينة، وكان حكم المناكحة بين الكفار والمسلمات بعد باقياً (وبطن يأجج): من بطون الأودية التي حول الحرم، والبطن: المنخفض من الأرض.
[٢٩١٨] ومن حديث على - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أن جبريل هبط عليه ... الحديث) هذا الحديث مشكل جدا لمخالفته ما يدل على ظاهر التنزيل ولما صح من الأحاديث في أمر أسارى بدر أن أخذ الفداء كان رأيا رأوه فعوتبوا عليه، ولو كان هناك تخيير بوحي سماوي لم تتوجه المعاتبة عليهم، وقد قال الله تعالى {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} إلى قوله: {لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} وإنما أظهر لهم شأن المعاقبة فقتل سبعين منهم بعد غزوه أحد عند نزول قوله سبحانه {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها} يعني: مقتل سبعين من أصحاب بدر وأسر سبعين منهم ثم قال {قل هو من عند أنفسكم} قيل في تأويله: لأخذكم الفداء، وممن نقل عنه هذا التأويل من الصحابة على - رضي الله عنه - فلعل عليا ذكر هبوط جبريل في شأن نزول هذه الآية وبيانها، فأشتبه الأمر فيه على بعض الرواة، ومما جرأنا على هذا التقرير سوى ما ذكرناه هو أن الحديث تفرد به يحيي بن أبي زكريا بن أبي زائدة عن سفيان من بين أصحابة، فلم يروه غيره، والسمع قد يخطئ، والنسيان كثيرا قد يطرأ على الإنسان، ثم إن الحديث روي عنه [١١٣/ب] متصلاً، وروي عن غيره مرسلاً، وكل ذلك مما يمنع عن القول بظاهره.