للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفصل الذي يليه

(من الحسان)

[٣١٦٢] حديث فجيع العامري- رضي الله عنه- أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - (فقال: ما يحل لنا من الميتة؟) الحديث.

قلت: هذا لفظ أبي داود في كتابه، وقد وجدت في كتاب الطبراني وغيره (ما يحل لنا الميتة) وهذا أشبه بنسق الكلام؛ لأن السؤال لم يقع عن المقدار الذي يباح، وإنما وقع عن الحالة التي تفضى به إلى الإباحة، وقد تمسك بهذا الحديث من يرى تناول الميتة مع أدنى شبع، والتناول منه عند الاضطرار إلى حد الشبع. وقد خالف في هذا الحديث حديث أبي واقد الليثي، وقد أورده المؤلف بعد هذا الحديث. والأمر الذي يبيح له الميتة هو الاضطرار، ولا يتحقق ذلك مع ما يتبلغ به من الغبوق والصبوح فيمسك الرمق، فإن ثبت الحديث فالوجه فيه أن يقال: الاغتباق بقدح والاصطباح بآخر إنما كانا على سبيل الاشتراك بين القوم كلهم، ومن الدليل عليه قول السائل: (ما يحل لنا) كأنه كان وافد قومه، فلم يسأل لنفسه خاصة. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -[١٣٢/أ]: (طعامكم) فلما تبين له أن القوم مضطرون إلى أكل الميتة لعدم الغناء في إمساك الرمق بما وصفه من الطعام أباح لهم تناول الميتة على تلك الحالة. هذا وجه التوفيق بين الحديثين. والتفسير الذي ذكره بعد الحديث مدرج في الحديث من قول عقبة بن وهب بن عقبة العامري الراوي هذا الحديث [من] أبيه. وأبوه هو الراوي عن فجيع العامري.

ومن الغصص التي لا أراها توغ: أني وجدت بعض مشيخة فارس- وكان الناس يرونه المرجوع إليه في مشكل هذا الكتاب- قد كتب هذا الحديث فحرف قوول المؤلف: (فسروا) فجعل الضمة على السين والتشديد على الراء، ذهابا إلى أنه من المسرة، وجعله من تمام الحديث، ثم جعل فاصلة بين الكلمتين. أعني: فروا قوله- بصفر وأعلم (قوله) بالرفع؛ تنبيها على أنه مبتدأ. وإنما ذكرت ذلك تشديدا لرغبة الراغبين، وتسديدا لقصد القاصدين في تناول هذا العلم عن رجاله، والتوقي عن التخوض فيه بمجرد التقليد. [والله أعلم].

<<  <  ج: ص:  >  >>