فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِفَتْحِهَا مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا يَأْتِي وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» . (فُرُوضُهُ) سِتَّةٌ أَحَدُهَا
ــ
[حاشية الجمل]
انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ إلَخْ) هَذَا يَعُمُّ الْغَسْلَ، وَالْمَسْحَ، وَالنِّيَّةُ جُزْءٌ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُفْتَتَحًا بِجُزْئِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِعْمَالِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ اهـ ق ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ انْغَمَسَ بَعْضُ أَعْضَاءِ مَنْ نَوَى الطُّهْرَ، أَوْ سَقَطَتْ فِي مَاءٍ، أَوْ غَسَلَهَا لَهُ فُضُولِيٌّ وَنِيَّتُهُ عَازِبَةٌ فِيهِمَا لَمْ يُجْزِهِ لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش: قَوْلُهُ " لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَغَسْلِ أَعْضَائِهِ غَيْرِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ نَزَلَ فِي الْمَاءِ بَعْدُ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا لِكَوْنِ النُّزُولِ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَهُ مَطَرٌ أَوْ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ الْمَاءَ لِغَرَضٍ كَإِزَالَةِ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْوَحْلِ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ نُزُولَهُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ يُعَدُّ صَارِفًا عَنْ الْحَدَثِ وَمَحَلُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ حَيْثُ لَا صَارِفَ بِأَنْ قَصَدَ الْغُسْلَ عَنْ الْحَدَثِ، أَوْ أَطْلَقَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِّ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ التَّرْتِيبَ، وَالْحَدُّ الْجَامِعُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ ذَاتُهَا وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ وَصِفَتُهَا مِنْ تَقْدِيمِ الْمُقَدَّمِ وَتَأْخِيرِ الْمُؤَخَّرِ فَدَخَلَ التَّرْتِيبُ فِي التَّعْرِيفِ، وَالْوُضُوءُ اسْمُ مَصْدَرٍ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلُهُ تَوَضَّأَ، أَوْ وَضُؤَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَصْدَرُهُ التَّوَضُّؤُ وَالثَّانِيَ مَصْدَرُهُ الْوَضَاءَةُ كَمَا قَالَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فُعُولَةٌ فَعَالَةٌ لِفَعُلَا اهـ ح ف (قَوْلُهُ: فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ) إنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا الَّتِي يُكَفِّرُهَا الْوُضُوءُ وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَدَنِ مَا يَتَحَرَّكُ لِلْمُخَالَفَةِ أَسْرَعَ مِنْهَا فَأَمَرَ أَوَّلًا بِغَسْلِهَا تَنْبِيهًا عَلَى طَهَارَتِهَا الْبَاطِنِيَّةِ، ثُمَّ رَتَّبَ غَسْلَهَا عَلَى تَرْتِيبِ سُرْعَةِ الْحَرَكَةِ فِي الْمُخَالَفَةِ فَمَا كَانَ مِنْهَا إلَى التَّحَرُّكِ أَسْرَعَ أَمَرَ بِغَسْلِهِ فَأَمَرَ أَوَّلًا بِالْوَجْهِ وَفِيهِ الْفَمُ، وَالْأَنْفُ، وَالْعَيْنَانِ فَابْتَدَأَ بِالْمَضْمَضَةِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ أَكْبَرُ الْأَعْضَاءِ وَأَشَدُّهَا حَرَكَةً فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَدْ يَسْلَمُ وَهُوَ كَثِيرُ الْعَطَبِ قَلِيلُ السَّلَامَةِ غَالِبًا، ثُمَّ بِالْأَنْفِ لِيَتُوبَ مِمَّا يَشُمُّ بِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ جَمِيعَ الْوَجْهِ لِيَتُوبَ مِمَّا يَنْظُرُ إلَيْهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ الْيَدَيْنِ لِيَتُوبَ مِنْ الْبَطْشِ ثُمَّ خُصَّتْ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ لِمَا تَقَعُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ وَهُوَ اللِّسَانُ، وَالْعَيْنَانِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِالْأُذُنَيْنِ لِأَجْلِ السَّمَاعِ، ثُمَّ بِالرِّجْلَيْنِ لِأَجْلِ الْمَشْيِ، ثُمَّ أَرْشَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ الشَّهَادَتَيْنِ فِي آخِرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَخُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَوَجَّهَ إلَى الشَّجَرَةِ بِالْوَجْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِالْيَدِ وَمَشَى إلَيْهَا بِالرِّجْلِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَأُمِرَ بِغَسْلِهَا تَكْفِيرًا لِلْخَطَايَا اهـ ح ف. (قَوْلُهُ: مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ حَالٌ مِنْ " اسْتِعْمَالُ " وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِكَسْرِهَا حَالًا مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَالتَّقْدِيرُ: وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمُتَوَضِّئِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُفْتَتِحًا إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ لَا مَا يَصِحُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ كَالْبَحْرِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي كُلِّ صِيغَةٍ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ كَطَهُورٍ وَسَحُورٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ» إلَخْ) الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ اهـ أُجْهُورِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طُهُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ الرَّاوِيَةُ أَيْ تَطْهِيرٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُثِيبُ فَاعِلَهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ فَإِنْ قُلْت هَلَّا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» قُلْت حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ خَاصٌّ بِالْمَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَالْوُضُوءُ خَاصٌّ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: هُنَا بِغَيْرِ طُهُورٍ فَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَهُوَ أَصْرَحُ فِي الِاسْتِدْلَالِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فُرُوضُهُ سِتَّةٌ) جَمْعُ فَرْضٍ وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ وَالتَّقْدِيرُ يُقَالُ فَرَضَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ أَيْ قَطَعَهُ وَقَدَّرَهُ، وَشَرْعًا مَا يُثَابُ الشَّخْصُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مُقَدَّرَةً فِي الْوُضُوءِ سُمِّيَتْ فُرُوضًا، وَالْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ مُتَرَادِفَانِ عِنْدَنَا إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الرُّكْنُ لَا الْمَحْدُودُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ الَّذِي يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ إذْ حُكْمُ الصَّبِيِّ فِيهِ كَالْبَالِغِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَفُرُوضُهُ مُبْتَدَأٌ وَسِتَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute