للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَى النَّاوِي

ــ

[حاشية الجمل]

خَبَرُهُ وَفُرُوضُهُ جَمْعٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَكُونُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ سِتَّةٌ فَتَقْتَضِي الْعِبَارَةُ أَنَّ فُرُوضَ الْوُضُوءِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ أَوْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ رِجَالُ الْبَلَدِ يَحْمِلُونَ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ وَالْكَلَامُ هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْجَمْعِ، أَوْ نَحْوِهِ آحَادًا، أَوْ جُمُوعًا فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلًّا لَا كُلِّيَّةً وَلَا كُلِّيًّا، وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْأَفْرَادِ أَوْ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ شَرْعًا وَلَا عَقْلًا يَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ وَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ هِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الصِّدْقُ، أَوْ الصِّحَّةُ فِيهَا عَلَى إضْمَارٍ، وَالْمُضْمَرُ هُنَا لَفْظُ جُمْلَةٍ، أَوْ مَجْمُوعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: سِتَّةٌ) أَيْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلسَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَمْ يُعَدَّ الْمَاءُ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ يُشْتَرَطُ امْتِزَاجُهُ بِالتُّرَابِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ، وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا وَيَتَعَلَّقُ بِهَا سَبْعَةُ أَحْكَامٍ جَمَعَهَا الْحَافِظُ حَجّ وَقِيلَ التَّتَّائِيُّ فِي قَوْلِهِ

سَبْعُ سُؤَالَاتٍ أَتَتْ فِي نِيَّةٍ ... تَأْتِي لِمَنْ قَارَبَهَا بِلَا وَسَنْ

حَقِيقَةٌ حُكْمٌ مَحَلٌّ وَزَمَنْ ... كَيْفِيَّةٌ شَرْطٌ وَمَقْصُودٌ حَسَنْ

فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ وَعَدَمُ الْفِعْلِ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ وَلَوْ فِي النَّفْلِ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا وَزَمَنُهَا أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي وَتَمْيِيزُهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنْ بَعْضِهَا، أَوْ عَنْ الْعَادَاتِ وَاشْتِرَاطُ بَعْضِهِمْ قَصْدَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَلَّامَةُ سم اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَجَمِيعُ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ الْمُعْتَبَرَةِ تَنْسَحِبُ عَلَى سُنَنِهِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: تَنْسَحِبُ عَلَى سُنَنِهِ أَيْ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ الْوَجْهِ أَمَّا الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَيْهِ فَلَا تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا بَلْ إذَا أَرَادَ حُصُولَ ثَوَابِهَا نَوَى عِنْدَهَا نِيَّةً مُسْتَقِلَّةً بِأَنْ يَنْوِيَ سُنَّةَ الْوُضُوءِ، أَوْ يَنْوِيَ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لَكِنْ يَحْتَالُ فِي عَدَمِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَحُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ كَأَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ إلَى فَمِهِ فِي أُنْبُوبَةٍ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَأَمَّا اقْتِرَانُهَا بِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ مِنْ سُنَنِهِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ فَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يَكْفِي قَرْنُهَا بِسُنَنِهِ قَبْلَهُ لِكَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوُضُوءِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِبَادَةِ أَرْكَانُهَا وَالسُّنَنُ تَوَابِعُ، وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ عِنْدَ عُزُوبِهَا قَبْلَ الْوَجْهِ فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى غَسْلِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ خُلُوِّهَا عَنْ النِّيَّةِ غَيْرُ مُثَابٍ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ نَوَى صَوْمَ نَفْلٍ قَبْلَ الزَّوَالِ حَيْثُ يُثَابُ مِنْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَتَبَعَّضُ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَأَفْعَالٌ مُتَفَاصِلَةٌ وَالِانْعِطَافُ فِيهَا أَبْعَدُ وَأَيْضًا فَلَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ انْتَهَتْ.

(فَائِدَةٌ) سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ هَلْ يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَضُرُّ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ وَاضِحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَفْعُ حَدَثٍ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا السَّبَبُ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ فِي قَوْلِهِ أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَعْنَيَيْنِ الْآخَرَيْنِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: سَوَاءٌ نَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا السَّبَبُ فَإِذَا قَالَ: نَوَيْتُ رَفْعَ الْحَدَثِ فَالْمُرَادُ رَفْعُ حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ نَفْسَ السَّبَبِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ اهـ ح ل بِالْمَعْنَى.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ، هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَنْعُ، أَوْ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا يَصِحُّ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا حَمَلَ الْحَدَثَ عَلَى الْأَسْبَابِ وَاحْتَاجَ لِتَقْدِيرِ مَا ذُكِرَ لِقَوْلِهِمْ فَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ، أَوْ بَعْضَ أَحْدَاثِهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَسْبَابِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى النَّاوِي) أَيْ الْكَائِنِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُولُوا عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>