. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
مُسَلِّمًا لِأَمْرِك أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إلَيْك الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِك أَنْ تَسْتَقْبِلَنِي بِعَفْوِك وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنِّي بِرَحْمَتِك وَأَنْ تُدْخِلَنِي جَنَّتَك» قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيَقُولُ «آيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقْدَمَنِيهَا سَالِمًا مُعَافًى فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا عَلَى تَيْسِيرِهِ وَحُسْنِ بَلَاغِهِ، اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْ لَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَأَمِّنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَحْبَابِك وَأَهْلِ طَاعَتِك، اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك وَالْبَلَدُ بَلَدُك وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك جِئْت هَارِبًا وَعَنْ الذُّنُوبِ مُقْلِعًا وَلِفَضْلِك رَاجِيًا وَلِرَحْمَتِك طَالِبًا وَلِفَرَائِضِك مُؤَدِّيًا وَلِرِضَاك مُبْتَغِيًا وَلِعَفْوِك سَائِلًا فَلَا تَرُدَّنِي خَائِبًا وَأَدْخِلْنِي فِي رَحْمَتِك الْوَاسِعَةِ وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ وَجُنْدِهِ وَشَرِّ أَوْلِيَائِهِ» وَحِزْبِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَمْ تَكُنْ مَكَّةُ ذَاتَ مَنَازِلَ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ جُرْهُمٍ وَالْعَمَالِقَةِ يَنْتَجِعُونَ جِبَالَهَا وَأَوْدِيَتَهَا وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْ حَرَمِهَا انْتِسَابًا لِلْكَعْبَةِ لِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا وَتَخَصُّصًا بِالْحَرَمِ لِحُلُولِهِمْ فِيهَا وَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُ لَهُمْ بِذَلِكَ شَأْنٌ وَكُلَّمَا كَثُرَ فِيهِمْ الْعَدَدُ وَنَشَأَتْ فِيهِمْ الرِّيَاسَةُ قَوِيَ أَمَلُهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ سَيَقْدَمُونَ عَلَى الْعَرَبِ وَكَانَتْ فُضَلَاؤُهُمْ يَتَخَيَّلُونَ أَنَّ ذَلِكَ رِيَاسَةٌ فِي الدِّينِ وَتَأْسِيسٌ لِنُبُوَّةٍ سَتَكُونُ فِيهِمْ فَأَوَّلُ مَنْ أُلْهِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَكَانَ يَخْطُبُ لَهُمْ فِيهِ وَيَذْكُرُ لَهُمْ أَمْرَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ انْتَقَلَتْ الرِّيَاسَةُ إلَى قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ فَبَنَى بِمَكَّةَ دَارَ النَّدْوَةِ لِيَحْكُمَ فِيهَا بَيْنَ قُرَيْشٍ ثُمَّ صَارَتْ لِتَشَاوُرِهِمْ وَعَقْدِ أَلْوِيَةِ حُرُوبِهِمْ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَكَانَتْ أَوَّلَ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فَبَنَوْا الدُّورَ وَكُلَّمَا قَرُبُوا مِنْ الْإِسْلَامِ ازْدَادُوا قُوَّةً وَكَثْرَةَ عَدَدٍ حَتَّى دَانَتْ لَهُمْ الْعَرَبُ إلَى أَنْ قَالَ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ تُبَّعٌ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ كِسْوَةً كَامِلَةً أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَهَا فَكَسَاهَا الْأَنْطَاعَ ثُمَّ أُرِيَ أَنْ يَكْسُوَهَا الْوَصَائِلَ وَهِيَ ثِيَابٌ حَبِرَةٌ مِنْ عَصِيبِ الْيَمَنِ ثُمَّ كَسَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
ثُمَّ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ فِي رِوَايَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ حَاصِلُهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَا الْكَعْبَةَ ثُمَّ كَسَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَكْسُوهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَكَسَاهَا الْقَبَاطِيَّ وَكَسَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةُ الدِّيبَاجَ، وَكَانَتْ تُكْسَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ صَارَ مُعَاوِيَةُ يَكْسُوهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ كَانَ الْمَأْمُونُ يَكْسُوهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَكْسُوهَا الدِّيبَاجَ الْأَحْمَرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْقَبَاطِيَّ يَوْمَ هِلَالِ رَجَبٍ وَالدِّيبَاجَ الْأَبْيَضَ يَوْمَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَهَذَا الْأَبْيَضُ ابْتَدَأَهُ الْمَأْمُونُ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ حِينَ قَالُوا لَهُ الدِّيبَاجُ الْأَحْمَرُ يَتَخَرَّقُ قَبْلَ الْكِسْوَةِ الثَّانِيَةِ فَسَأَلَ عَنْ أَحْسَنِ مَا تَكُونُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَقِيلَ الدِّيبَاجُ الْأَبْيَضُ فَفَعَلَهُ. السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ فِي تَزْيِينِ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ وَكَيْفَ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ، نَقَلَ الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ أَرَادَ هَدْمَ الْكَعْبَةِ وَبِنَاءَهَا اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَآخَرُونَ بِهَدْمِهَا وَبِنَائِهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ انْهَدَمَتْ وَأَشَارَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَآخَرُونَ بِتَرْكِهَا بِحَالِهَا فَعَزَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى هَدْمِهَا، فَخَرَجَ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ عَذَابٌ لِهَدْمِهَا فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَدْمِهَا فَمَا اجْتَرَأَ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلَاهَا بِنَفْسِهِ وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَجَعَلَ يَهْدِمُهَا وَيَرْمِي أَحْجَارَهَا فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ اجْتَرَءُوا فَصَعِدُوا وَهَدَمُوا فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ خَلَّقَهَا مِنْ دَاخِلِهَا وَخَارِجِهَا مِنْ أَعْلَاهَا إلَى أَسْفَلِهَا وَكَسَاهَا الْقَبَاطِيَّ.
وَقَالَ مَنْ كَانَتْ لِي عَلَيْهِ طَاعَةٌ فَلْيَخْرُجْ فَلْيَعْتَمِرْ مِنْ التَّنْعِيمِ وَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَذْبَحْ شَاةً وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَلْيَتَصَدَّقْ بِوُسْعِهِ، وَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَاشِيًا وَالنَّاسُ مَعَهُ مُشَاةً حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنْ التَّنْعِيمِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرَ عِتْقًا وَبَدَنَةً مَنْحُورَةً وَشِيَاهًا مَذْبُوحَةً وَصَدَقَةً مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنَحَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِائَةَ بَدَنَةٍ، وَأَمَّا تَذْهِيبُ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعَثَ إلَى وَالِيهِ عَلَى مَكَّةَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّرِّيِّ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ فَضَرَبَ مِنْهَا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ صَفَائِحَ الذَّهَبِ وَعَلَى مِيزَابِ الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْأَسَاطِينِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَعَلَى الْأَرْكَانِ فِي جَوْفِهَا وَكُلُّ مَا عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْمِيزَابِ مِنْ الذَّهَبِ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ذَهَّبَ الْبَيْتَ فِي الْإِسْلَامِ فَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى الْبَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute