فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَمُقَدِّمَاتُهُ بِشَهْوَةٍ) كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَعَلَيْهِ دَمٌ لَكِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لِدُخُولِهِ فِي فِدْيَةِ الْجِمَاعِ وَكَالْمُقَدَّمَاتِ اسْتِمْنَاؤُهُ بِعُضْوِهِ كَيَدِهِ لَكِنْ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ الدَّمُ إنْ أَنْزَلَ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّهْوَانِيَّةَ وَالْغَضَبِيَّةَ وَالْوَهْمِيَّةَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ} [البقرة: ١٩٧] ، إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الشَّهْوَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ: {وَلا فُسُوقَ} [البقرة: ١٩٧] إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الْغَضَبِيَّةِ الَّتِي تُوجِبُ الْمَعْصِيَةَ وَالتَّمَرُّدَ وَقَوْلُهُ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] إشَارَةٌ إلَى قَهْرِ الْقُوَى الْوَهْمِيَّةِ الَّتِي تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الْجِدَالِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَسْمَائِهِ وَهِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى مُنَازَعَةِ النَّاسِ وَمُمَارَاتِهِمْ وَالْمُخَاصَمَةِ مَعَهُمْ فَلَمَّا كَانَ سَبَبُ الشَّرِّ مَحْصُورًا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لَا جَرَمَ قَالَ {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا) أَيْ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ؛ لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَخَلَّفُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ) أَيْ وَالْفُسُوقُ بِالْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ بِالْخِصَامِ اهـ. أُجْهُورِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمُقَدِّمَاتُهُ) كَقُبْلَةٍ وَنَظَرٍ وَلَمْسٍ وَمُعَانَقَةٍ، وَقَوْلُهُ بِشَهْوَةٍ أَيْ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ إنْزَالٍ أَوْ مَعَ حَائِلٍ وَلَا دَمَ فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ بَلْ وَإِنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ الْإِنْزَالَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّ فِيهَا الدَّمَ وَأَنْ يُنْزِلَ إنْ بَاشَرَ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي تَقْبِيلِ الْغُلَامِ بِشَهْوَةٍ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ أَنَّهُ إنْ قِيلَ بِقَصْدِ الْإِكْرَامِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا فِدْيَةَ أَوْ لِلشَّهْوَةِ أَثِمَ وَفَدَى اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَأَمَّا الْمُقَدِّمَاتُ بِشَهْوَةٍ حَتَّى النَّظَرُ فَتَحْرُمُ وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَا تُفْسِدُ أَيْ الْمُقَدِّمَاتُ النُّسُكَ وَإِنْ أَنْزَلَ وَيَجِبُ بِتَعَمُّدِهَا الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَكَذَا بِالِاسْتِمْنَاءِ أَيْ إذَا أَنْزَلَ لَا بِالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ اهـ.
وَفِي شَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ أَيْ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ فِي مُبَاشَرَةِ الْغُلَامِ كَالْمَرْأَةِ وَقَيَّدَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْحُسْنِ فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ لَا فِدْيَةَ فِي تَقْبِيلِهِ وَلَا مُبَاشَرَتِهِ بِشَهْوَةٍ وَإِنْ أَنْزَلَ كَمَا لَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ ضَعِيفٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْحُسْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَقَيَّدَتْ بِهِ حُرْمَةُ نَظَرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ اهـ. وَفِي شَرْحِهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَوْ كَرَّرَ نَحْوَ الْقُبْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ لَمْ تَجِبْ إلَّا شَاةٌ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ ثُمَّ رَأَيْت الْمَجْمُوعَ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَسَأَذْكُرُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ آخِرِ الْبَابِ اهـ. سَمِّ عَلَى حَجّ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ الْحَلَالِ مُبَاشَرَةُ مُحْرِمَةٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَحْلِيلُهَا اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بِشَهْوَةٍ) لَكِنْ لَوْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَ بِحَائِلٍ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ أَنْزَلَ وَكَذَا يَحْرُمُ عَقْدُ النِّكَاحِ وَلَا فِدْيَةَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمُبَاشَرَةُ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ اهـ. إيضَاحٌ وَهَذَا الدَّمُ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ كَمَا قَالَ النَّاظِمُ:
وَقَدِّرَنَّ وَخَيِّرَنَّ فِي الرَّابِعِ ... إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعِ
لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا
إلَى أَنْ قَالَ
وَتَقْبِيلٌ وَوَطْءٌ ثَنَى ... أَوْ بَيْنَ تَحَلُّلَيْ ذَوِي إحْرَامٍ
بِخِلَافِ دَمِ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ فَإِنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَمَا قَالَ النَّاظِمُ:
وَالثَّانِي تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ ... فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ
(قَوْلُهُ: إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ التَّرَاخِي عَنْهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ إنْ جَامَعَ بَعْدَهَا وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ دَخَلَتْ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ فِي م ر وَقَيَّدَ ح ل بِحَيْثُ يُعَدُّ مُقَدِّمَةً لِلْوَطْءِ، وَلَوْ أَتَى بِالْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ح ل بِحُرُوفِهِ فَوَاجِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَنْدَرِجُ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ الْجِمَاعُ نَاشِئًا عَنْ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَيْنَ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَهُ رَاجِعٌ لِلْمُقَدِّمَاتِ فِي الْمَتْنِ وَلَعَلَّ التَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا فِعْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِي فِدْيَةِ الْجِمَاعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَنْدَرِجُ دَمُ الْمُبَاشَرَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ الْوَاقِعِ بَعْدَهَا أَوْ بَدَلِهَا وَكَذَا فِي شَأْنِهِ كَالْوَاقِعِ بَعْدَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ أَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْجِمَاعِ أَمْ قَصُرَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: اسْتِمْنَاؤُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ اهـ. ح ل وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ طَلَبُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ أَيْ قَصْدُ إخْرَاجِهِ وَأَنَّهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ سَوَاءٌ كَانَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدِ إخْرَاجِهِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ بِلَا حَائِلٍ فَيُفْسِدُ الصَّوْمَ أَوْ بِهِ فَلَا يُفْسِدُهُ وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي نَظِيرَ هَذَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ يَأْثَمُ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ