للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي فَاسِدِهِمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] ، وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَتِمُّ فَاسِدُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (إعَادَةٌ فَوْرًا) وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا تَضِيقُ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَالنَّفَلُ مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ وَاجِبُ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّفْلِ فَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ عُمْرَةً فَإِعَادَتُهَا فَوْرًا ظَاهِرٌ أَوْ حَجًّا فَيُتَصَوَّرُ فِي سَنَةِ الْفَسَادِ بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْجِمَاعِ أَوْ قَبْلَهُ وَيَتَعَذَّرُ الْمُضِيُّ فَيَتَحَلَّلُ ثُمَّ يَزُولُ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَإِنْ لَمْ يُحْصَرْ أَعَادَ مِنْ قَابِلٍ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْقَضَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ إذَا فَسَدَتْ وَأُعِيدَتْ فِي وَقْتِهَا وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَنْ الْفَاسِدِ وَيَتَأَدَّى بِهَا

ــ

[حاشية الجمل]

بَعْضِهَا بُطْلَانُ كُلِّهَا بِخِلَافِهَا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوْزِيعُهَا عَلَى أَجْزَائِهِ فَكَانَ الْمُنَافِي لَهَا مُبْطِلًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا فَنَاسَبَ فَسَادَهُ بِهَا مُطْلَقًا اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيَجِبُ بِهِ مُضِيٌّ فِي فَاسِدِهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْمُضِيِّ بِسَبَبِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ حَيْثُ الْإِحْرَامُ بِالنُّسُكِ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِ النُّسُكِ لِإِفْتَاءِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فَيَعْمَلُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيَجْتَنِبُ مَا كَانَ يَجْتَنِبُهُ قَبْلَهُ وَمِنْهُ الْجِمَاعُ ثَانِيًا فَلَوْ فَعَلَ فِيهِ مَحْظُورًا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَفِي قَوْلِهِمْ فَيَعْمَلُ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُضِيَّ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِي النُّسُكِ لَا أَنَّهُ طَرَأَ وُجُوبُهُ بِسَبَبِ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ اهـ. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٦] إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] إذْ هُوَ يَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَخْ) اسْتَثْنَى الصَّوْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ خَرَجَ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ بِخِلَافِ النُّسُكِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فَوْرًا) أَيْ مَنْ فَسَدَ حَجُّهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ أَفْسَدَ الزَّوْجُ حَجَّهَا كَانَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَلَوْ مَاتَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَحْرَمَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَأَفْسَدَ نُسُكَهُ بِالْجِمَاعِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ الْقِيَامُ بِذَلِكَ حَتَّى إذَا مَاتَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ وَتَطَوُّعُهُ كَتَطَوُّعِ الْبَالِغِ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِيجَابُهُ أَيْ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَيْ الصَّبِيِّ لَيْسَ إيجَابَ تَكْلِيفٍ بَلْ مَعْنَاهُ تَرَتُّبُهُ فِي ذِمَّتِهِ كَغَرَامَةِ مَا أَتْلَفَهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقَعُ الْقَضَاءُ نَفْلًا وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَقَعُ الْقَضَاءُ مِثْلَ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَ فَرْضًا وَقَعَ الْقَضَاءُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا وَقَعَ الْقَضَاءُ تَطَوُّعًا انْتَهَتْ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ يَقَعُ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ الْأَدَاءُ كَذَلِكَ لَكِنْ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا حَتَّى فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ تَطَوُّعًا فَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ وَاجِبًا وَمَعَ ذَلِكَ يَقَعُ تَطَوُّعًا وَلَا أَعْرِفُ لِهَذَا نَظِيرًا الْآنَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ اهـ. مِنْ شُرُوحِ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ عُمْرَةً إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ عَقِبَ التَّحَلُّلِ وَتَوَابِعِهِ وَبِالْحَجِّ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ بِأَنْ يَحْصُرَهُ الْعَدُوُّ إلَخْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْجِمَاعِ إلَخْ) وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يَشْرِطَ فِي إحْرَامِهِ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ ثُمَّ يُجَامِعَ ثُمَّ يَمْرَضَ فَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يُشْفَى وَالْوَقْتُ بَاقٍ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَلِّدَ ابْنَ حَنْبَلٍ وَيَفْسَخَ الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ أَيْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ عُمْرَةً فَيَنْعَقِدَ عُمْرَةً فَاسِدَةً ثُمَّ يَتَحَلَّلَ بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يُحْرِمَ بِحَجِّ الْقَضَاءِ فِي سَنَتِهِ وَيَقَعَ عَنْ الْحَجَّةِ الَّتِي كَانَ نَوَاهَا أَوَّلًا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْقَضَاءِ، هَكَذَا أَخْبَرَنِي بَعْضُ الثِّقَاتِ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ حَنْبَلٍ كَمَا ذُكِرَ وَبِأَنَّ بَعْضَ الْمَكِّيِّينَ الْعَارِفِينَ أَفْتَى بَعْضَ الْحُجَّاجِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ الْجِمَاعُ فَفَسَدَ حَجُّهُ وَحَصَلَ لَهُ ضِيقٌ لِفَقْرِهِ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَوْدِ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ فَأَفْتَاهُ بِتَقْلِيدِ ابْنِ حَنْبَلٍ كَمَا ذُكِرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَتَحَلَّلُ) أَيْ بِذَبْحٍ فِي مَكَانِ حَصْرٍ فَحَلَقَ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ بَاقٍ) بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيُحْرِمُ ثَانِيًا وَيَأْتِي بِالْأَعْمَالِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا وَلَوْ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ مَعْنَاهَا لُغَةً الْأَدَاءُ يُقَالُ قَضَيْت الدَّيْنَ أَيْ أَدَّيْته اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْفَاسِدِ) حَتَّى لَوْ أَفْسَدَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَجَبَتْ إعَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَشْرُ بَدَنَاتٍ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَدَّى بِهَا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ وَأَعَادَهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ تَقَعُ الْإِعَادَةُ نَفْلًا فَلَا تُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِعَادَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَدَّمَهَا وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْجَمَّالِ وَلَوْ جَامَعَ مُمَيِّزٌ أَوْ قِنٌّ أَجْزَأَهُ الْقَضَاءُ فِي الصِّبَا وَالرِّقِّ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْآذِنَ فِي الْأَدَاءِ إذْنٌ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي إفْسَادِ الْأَدَاءِ وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَضَاءِ فَبَلَغَ أَوْ عَتَقَ فِي الْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي وَقْتِهِ وَأَدْرَكَهُ أَوْ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ انْصِرَافُ إحْرَامِ الْقَضَاءِ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَتِهِ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ مِنْ قَابِلٍ وَمِثْلُ النُّسُكِ فِي الْفَوْرِيَّةِ كُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ بِتَعَدٍّ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَتَأَدَّى بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>